لمحة من أخلاق خير البشر
+4
hema
اسكندرانيه
أميرة بكلميتى
mounim3000
8 مشترك
- mounim3000
عدد المساهمات : 111
نقاط : 214
التقييم : 1
تاريخ التسجيل : 08/03/2011
لمحة من أخلاق خير البشر
الأربعاء 06 أبريل 2011, 4:54 am
لمحة من أخلاق خير البشر
الكاتب: محمد الغزالي
ظهر من هذه التعاليم أن الإسلام جاء لينتقل بالبشر خطوات فسيحات إلى حياة مشرفة بالفضائل و الآداب، وأنه اعتبر المراحل المؤدية إلى هذا الهدف النبيل من صميم رسالته، كما أنه عد الإخلال بهذه الوسائل خروجا علية و ابتعادا عنه.
فليست الأخلاق من مواد الترف، التي يمكن الاستغناء عنها، بل هي أصول الحياة التي يرتضيها الدين، ويحترم ذويها.. وقد أحصى الإسلام بعدئذ الفضائل، و حث أتباعه على التمسك بها واحدة, واحدة.
ولو جمعنا أقوال صاحب الرسالة في التحلي بالأخلاق الذكية لخرجنا بسفر لا يعرف مثله، لعظيم من أئمة الإصلاح.
وقبل أن نذكر تفاصيل هذه الفضائل، وما ورد في كل منها على حدا نثبت طرفا من دعوته الحارة، إلى محامد الأخلاق، ومحاسن الشيم:
عن أسامة بن شريك قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسنا الطير، ما يتكلم منا متكلم، إذ جاءه أناس فقالوا: من أحب عباد الله إلى الله تعالى؟ قال: ((أحسنهم خلقا)). وفي رواية: ((ما خير ما أعطى الإنسان؟ قال: خلق حسن)).
قال: ((إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شئ، وإن أحسن الناس إسلاما أحسنهم خلقا)).
وسئل: ((أي المؤمنين أكمل إيمانا؟ قال: أحسنهم خلقا)).
و عن عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ((ألا أخبركم بأحبكم إلىّ، وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة؟ - فأعادها مرتين أو ثلاثًا - قالوا نعم يا رسول الله؛ قال: أحسنكم خلقا)).
و قال: ((ما من شئ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، إن الله يكره الفاحش البذيء، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة)).
هذا التصريح لو صدر عن فيلسوف يشتغل بشؤون الإصلاح الخلقي فحسب لما كان مستغربا منه، إنما وجه العجب أن يصدر عن مؤسس دين كبير، والأديان – عادة – ترتكز في حقيقتها الأولى على التعبد المحض.
ونبي الإسلام دعا إلى عبادات شتى، و أقام دوله ارتكزت على جهاد طويل ضد أعداء كثيرين، فإذا كان – مع سعه دينة، و تشعب نواحي العمل أمام أتباعه، يخبرهم بأن أرجح ما في موازينهم يوم الحساب، الخلق الحسن، فإن دلالة ذلك على منزلة الخلق في الإسلام لا تخفى..
والخلق أن الدين إن كان خلقًا حسنًا بين إنسان وإنسان، فهو في طبيعته السماوية صلة حسنة بين الإنسان وربه، و كلا الأمرين يرجع إلى حقيقة واحدة أن هناك أدياناً تبشر بأن اعتناق عقيدة ما، يمحو الذنوب، وأن أداء طاعة معينه يمسح الخطايا.
لكن الإسلام لا يقول هذا، إلا أن تكون العقيدة المعتنقة محواراً لعمل الخير، و أداء الواجب، و أن تكون الطاعة المقترحة غسلاً من السوء، و أعدادا للكمال المنشود، أي أنه لا يمحق السيئات إلا الحسنات التي يضطلع بها الإنسان، ويرقى صاعدًا، إلى مستوى أفضل.
و قد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على توكيد هذه المبادئ العادلة، تتبينها أمته جيدًا، فلا تهون لديها قيمة الخلق و ترفع قيمة الطقوس.
عن أنس: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة، وأشرف المنازل، وأنه لضعيف العبادة، و أنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة في جهنم)).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أن المؤمن بحسن خلقه درجة الصائم القائم))..
و في رواية: ((إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجات قائم الليل و صائم النهار)).
و عن بن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات بحسن خلقه و كرم طبيعته)).
و روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كرم المؤمن دينه، ومروءته عقله، وحسبه خلقه)).
وروى عنه أبو ذر: (( قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان، وجعل قلبه سليمًا، ولسانه صادقًا، و نفسه مطمئنة، و خلقه مستقيمة)).
وحسن الخلق لا يؤسس في المجتمع بالتعاليم المرسلة، أو الأوامر والنواهي المجردة، إذ لا يكفى في طبع النفوس على الفضائل أن يقول المعلم لغيره: أفعل كذا، أو لا تفعل كذا، فالتأديب المثمر يحتاج إلى تربية طويلة، و يتطلب تعهدًا مستمرًا.
و لن تصلح تربيه إلا إذا اعتمدت على الأسوة الحسنة، فالرجل السيئ لا يترك في نفوس من حوله أثرًا طيبًا.
وإنما يتوقع الأثر الطيب ممن تمتد العيون إلى شخصه، فيروعها أدبه و يسبيها ليله و تقتبس- بالإعجاب المحض من خلاله، و تمشى بالمحبة الخالصة من أثاره.
بل لابد- ليحصل التابع على قدر كبير من الفضل- أن يكون في متبعه قدر أكبر و قسط أجل..
و قد كان رسول الإسلام بين أصحبه مثلاً أعلى للخلق الذي يدعو إليه، فهو يغرس بين أصحابه هذا الخلق السامي، بسيرته العاطرة، قبل أن يغرسه بما يقول من حكم و عظات.
عن عبد الله بن عمرو قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن فاحشا ولا متفحشا، و كان يقول: ((خياركم أحاسنكم أخلاقا)).
وعن أنس قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين. والله ما قال لي: أف قط، و لا قال لشيء: لم فعلت كذا؟ وهلا فعلت كذا؟
وعنه: إن الأمة كانت لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت، و كان إذا أستقبله فصافحه، لا ينزع يده من يده، حتى يكون الرجل ينزع يده، ولا يصرف وجهه عن وجهه، حتى يكون الرجل هو الذي يصرفه، ولم ير مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له - يعنى أنه يتحفظ مع جلسائه فلا يتكبر-.
و عن عائشة رضى الله عنها قالت: ((ما خير رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس عنه، وما أنتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شئ قط، إلا أن تنتهك حرمه الله فينتقم، وما ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله تعالى.
وعن أنس: كنت أمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برده غليظة الحاشية، فأدركه أعرابيًا فجذبه جذبه شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله، و قد أثرت بهل حاشيه البرد من شده جذبته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك! فألتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضحك، و أمر له بعطاء.
و عن عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((إن الله رفيق، يحب الرفق، و يعطى على الرفق مالا يعطى على العنف، و مالا يعطى على سواه )).
و في رواية: (( إن الرفق لا يكون في شئ إلا زانه، ولا ينزع من شئ إلا شانه))
و عن جرير أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ((إن الله عز و جل ليعطى على الرفق ما لا يعطى على الخرق – الحمق – و إذا أحب الله عبدا أعطاه الرفق، ما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا حرموا الخير كله )).
و سئلت عائشة رضى الله عنها ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعل فى بيته؟ قالت: (( كان يكون في مهنة أهله – أي خدمتهم- فإذا حضرت الصلاة يتوضأ و يخرج إلى الصلاة)).
وعن عبد الله بن الحارث: ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه و سلم!.
و عن أنس: كان رسول الله أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ فطيم، يسمى أبا عمير، لديه عصفور صغير اسمه النغير، فكان رسول الله يلاطف الطفل الصغير ويقول له: " يا أبا عمير، ما فعل النغير"!.
و المعروف في شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان سمحًا لا يبخل بشيء أبدًا، شجاعًا لا ينكص عن حق أبدًا، عدلا لا يجور في حكم أبدًا، صدوقا أميناً في أطوار حياته كلها.
وقد أمر الله المسلمين أن يقتدوا به في طيب شمائله وعريق خلاله فقال: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا ﴾ (الأحزاب: 21).
قال القاضي عياض:
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، لقد فظع أهل المدينة ليلة، فانطلق ناس ِقبل الصوت، فتلقاهم رسول الله راجعا، قد سبقهم إليه واستبرأ الخبر على فرس لأبى طلحة عري و السيغ في عنقه، وهو يقول لن تراعوا.
و قال على رضى الله عنه: إنا كنا – إذا حمى البأس و احمرت الحدق- نتقى برسول الله صلى الله عليه و سلم، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه.
و عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:لا, وقد قالت له خديجة: ((إنك تحمل الكل وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق)).
و حمل إليه سبعون ألف درهم، فوضعت على حصير، ثم قام إليها يقسمها، فما رد سائلاً، حتى فرغ منها.
وجاءه رجل فسأله، فقال له: ما عندي شئ، ولكن ابتع علي، فإذا جائنا شئ قضيناه، فقال عمر: ما كلفك الله مالا تقدر عليه! فكره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالاً، فتبسم النبي، وعرف البشر في وجهه، وقال: بهذا أُمرت.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤلف أصحابه ولا ينفرهم، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم.
ويحذر الناس ويحترس منهم، من غير أن يطوى عن أحد منهم بشره ولا خلقه.
يتفقد أصحابه ويعطى كل جلسائه نصيبه، لا يحسب جليسه أن أحدًا أكرم عليه منه.
من جالسه، أو قاربه لحاجه صابره، حتى يكون هو المنصرف عنه.
ومن سأله حاجه لم يرده إلا بها، أو بميسور من القول.
قد وسع الناس بسطه و خلقه، فصار لهم أبا، و صاروا عنده في الحق سواء.
وكان دائم البشر، سهل البع، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب، ولا فحاش، ولا عتاب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهى، ولا يقنط منه قاصده.
وعن عائشة رضى الله عنها: ما كان أحد أحسن خلقًا من رسول الله، ما دعاه أحد من أصحابه ولا أهل بيته إلا قال: لبيك.
و قال جرير بن عبد الله رضى الله عنه: ما حجبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم.
وكان يمازح أصحابه ويخالطهم و يجاريهم، ويداعب صبيانهم و يجلسهم في حجره.
ويجيب دعوة الحر والعبد والأمة والمسكين، ويعود المرضى في أقصى المدينة، ويقبل عذر المتعذر.
قال أنس: ما ألتقم أحد أذن رسول الله صلى الله عليه و سلم فينحى رأسه حتى يكون الرجل هو الذي ينحى رأسه، وما أخذ أحد بيده فيرسل يده حتى يرسلها الأخر، و كان يبدأ من لاقيه بالسلام، و يبدأ أصحابه بالمصافحة.
لم ير قط مادًا رجليه بين أصحابه فيضيق بهما على أحد.
يكرم من يدخل عليه، وربما بسط له ثوبه، ويؤثره بالوسادة التي تحته، ويعزم عليه في الجلوس عليها إن أبى.
ويكنى أصحابه ويدعوهم بأحب أسمائهم تكرمه لهم، ولا يقطع على أحد حديثه، حتى يتجوز فيقطعه بانتهاء أو قيام.
وعن أنس: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ أتى بهديه قال: اّذهبوا بها إلى بيت فلانة، فإنها كانت صديقه لخديجة، إنها كانت تحب خديجة.
و عن عائشة رضى الله عنها قالت: ما غرت من امرأة، ما غرت من خديجة، لما كنت أسمعه يذكرها، وإن كان يذبح الشاه فيهديها إلى خلائلها، واستأذنت عليه أختها فأرتاح إليها، ودخلت عليه امرأة فهش لها وأحسن السؤال عنها، فلما خرجت قال: إنها كانت تأتينا أيام خديجة، وإن حسن العهد من الأيمان.
وكان يصل ذوى رحمه، من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم.
و عن أبى قتاده: لما جاء وفد النجاشى قام رسول الله صلى الله عليه و سلم يخدمهم، فقال له أصحابه: نكفيك، فقال: إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين، وأنى أحب أن أكافئهم.
و عن أبي أمامة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئًا على عصا، فقمنا له فقال: لا تقوموا كما يقوم الأعاجم، يعظم بعضهم بعضًا.
وقال: إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد، وكان يركب الحمار، ويردف خلفه، ويعود المساكين، ويجالس الفقراء، ويجلس بين أصحابه مختلطًا بهم، حيثما انتهى به المجلس جلس.
وحج رسول الله صلى الله عليه وسلم على رحل رث عليه قطيفه ما تساوى أربعه دراهم، فقال: الهم حجه لا رياء فيها ولا سمعة.
و لما فتحت عليه مكة ودخلها بجيوش المسلمين، طأطأ رأسه على راحلته حتى كاد يمس قادمته، تواضعا لله تعالى.
وكان كثير السكوت لا يتكلم في غير الحاجة، و يعرض عمن تكلم بغير جميل.
و كان ضحكه تبسمًا، و كلامه فصلاً، لا فضول فيه ولا تقصير.
و كان ضحك أصحابه عنده التبسم، توقيرا له و إقتداء به.
مجلسه مجلس حلم و خير وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، لا تخدش فيه الحرم.
إذا تكلم أطرق جلساؤه، كأنما على رؤوسهم الطير.
و إذا مشى مجتمعا، يعرف في مشيته أنه غير ضجر ولا كسلان.
قال بن أبى هالة: كان سكوته على أربع: على الحلم، والحذر، والتقدير، والتفكر.
و قالت عائشة كان يتحدث حديثًا، لو عده العاد أحصاه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الطيب والرائحة الحسنة؛ و يستعملها كثيرًا.
و قد سيقت له الدنيا بحذافيرها، و ترادفت عليه فتوحها، فأعرض عن زهرتها، ومات و درعه مرهونة عند يهودي في نفقة عياله.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات
الكاتب: محمد الغزالي
ظهر من هذه التعاليم أن الإسلام جاء لينتقل بالبشر خطوات فسيحات إلى حياة مشرفة بالفضائل و الآداب، وأنه اعتبر المراحل المؤدية إلى هذا الهدف النبيل من صميم رسالته، كما أنه عد الإخلال بهذه الوسائل خروجا علية و ابتعادا عنه.
فليست الأخلاق من مواد الترف، التي يمكن الاستغناء عنها، بل هي أصول الحياة التي يرتضيها الدين، ويحترم ذويها.. وقد أحصى الإسلام بعدئذ الفضائل، و حث أتباعه على التمسك بها واحدة, واحدة.
ولو جمعنا أقوال صاحب الرسالة في التحلي بالأخلاق الذكية لخرجنا بسفر لا يعرف مثله، لعظيم من أئمة الإصلاح.
وقبل أن نذكر تفاصيل هذه الفضائل، وما ورد في كل منها على حدا نثبت طرفا من دعوته الحارة، إلى محامد الأخلاق، ومحاسن الشيم:
عن أسامة بن شريك قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسنا الطير، ما يتكلم منا متكلم، إذ جاءه أناس فقالوا: من أحب عباد الله إلى الله تعالى؟ قال: ((أحسنهم خلقا)). وفي رواية: ((ما خير ما أعطى الإنسان؟ قال: خلق حسن)).
قال: ((إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شئ، وإن أحسن الناس إسلاما أحسنهم خلقا)).
وسئل: ((أي المؤمنين أكمل إيمانا؟ قال: أحسنهم خلقا)).
و عن عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ((ألا أخبركم بأحبكم إلىّ، وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة؟ - فأعادها مرتين أو ثلاثًا - قالوا نعم يا رسول الله؛ قال: أحسنكم خلقا)).
و قال: ((ما من شئ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، إن الله يكره الفاحش البذيء، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة)).
هذا التصريح لو صدر عن فيلسوف يشتغل بشؤون الإصلاح الخلقي فحسب لما كان مستغربا منه، إنما وجه العجب أن يصدر عن مؤسس دين كبير، والأديان – عادة – ترتكز في حقيقتها الأولى على التعبد المحض.
ونبي الإسلام دعا إلى عبادات شتى، و أقام دوله ارتكزت على جهاد طويل ضد أعداء كثيرين، فإذا كان – مع سعه دينة، و تشعب نواحي العمل أمام أتباعه، يخبرهم بأن أرجح ما في موازينهم يوم الحساب، الخلق الحسن، فإن دلالة ذلك على منزلة الخلق في الإسلام لا تخفى..
والخلق أن الدين إن كان خلقًا حسنًا بين إنسان وإنسان، فهو في طبيعته السماوية صلة حسنة بين الإنسان وربه، و كلا الأمرين يرجع إلى حقيقة واحدة أن هناك أدياناً تبشر بأن اعتناق عقيدة ما، يمحو الذنوب، وأن أداء طاعة معينه يمسح الخطايا.
لكن الإسلام لا يقول هذا، إلا أن تكون العقيدة المعتنقة محواراً لعمل الخير، و أداء الواجب، و أن تكون الطاعة المقترحة غسلاً من السوء، و أعدادا للكمال المنشود، أي أنه لا يمحق السيئات إلا الحسنات التي يضطلع بها الإنسان، ويرقى صاعدًا، إلى مستوى أفضل.
و قد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على توكيد هذه المبادئ العادلة، تتبينها أمته جيدًا، فلا تهون لديها قيمة الخلق و ترفع قيمة الطقوس.
عن أنس: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة، وأشرف المنازل، وأنه لضعيف العبادة، و أنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة في جهنم)).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أن المؤمن بحسن خلقه درجة الصائم القائم))..
و في رواية: ((إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجات قائم الليل و صائم النهار)).
و عن بن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات بحسن خلقه و كرم طبيعته)).
و روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كرم المؤمن دينه، ومروءته عقله، وحسبه خلقه)).
وروى عنه أبو ذر: (( قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان، وجعل قلبه سليمًا، ولسانه صادقًا، و نفسه مطمئنة، و خلقه مستقيمة)).
وحسن الخلق لا يؤسس في المجتمع بالتعاليم المرسلة، أو الأوامر والنواهي المجردة، إذ لا يكفى في طبع النفوس على الفضائل أن يقول المعلم لغيره: أفعل كذا، أو لا تفعل كذا، فالتأديب المثمر يحتاج إلى تربية طويلة، و يتطلب تعهدًا مستمرًا.
و لن تصلح تربيه إلا إذا اعتمدت على الأسوة الحسنة، فالرجل السيئ لا يترك في نفوس من حوله أثرًا طيبًا.
وإنما يتوقع الأثر الطيب ممن تمتد العيون إلى شخصه، فيروعها أدبه و يسبيها ليله و تقتبس- بالإعجاب المحض من خلاله، و تمشى بالمحبة الخالصة من أثاره.
بل لابد- ليحصل التابع على قدر كبير من الفضل- أن يكون في متبعه قدر أكبر و قسط أجل..
و قد كان رسول الإسلام بين أصحبه مثلاً أعلى للخلق الذي يدعو إليه، فهو يغرس بين أصحابه هذا الخلق السامي، بسيرته العاطرة، قبل أن يغرسه بما يقول من حكم و عظات.
عن عبد الله بن عمرو قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن فاحشا ولا متفحشا، و كان يقول: ((خياركم أحاسنكم أخلاقا)).
وعن أنس قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين. والله ما قال لي: أف قط، و لا قال لشيء: لم فعلت كذا؟ وهلا فعلت كذا؟
وعنه: إن الأمة كانت لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت، و كان إذا أستقبله فصافحه، لا ينزع يده من يده، حتى يكون الرجل ينزع يده، ولا يصرف وجهه عن وجهه، حتى يكون الرجل هو الذي يصرفه، ولم ير مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له - يعنى أنه يتحفظ مع جلسائه فلا يتكبر-.
و عن عائشة رضى الله عنها قالت: ((ما خير رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس عنه، وما أنتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شئ قط، إلا أن تنتهك حرمه الله فينتقم، وما ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله تعالى.
وعن أنس: كنت أمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برده غليظة الحاشية، فأدركه أعرابيًا فجذبه جذبه شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله، و قد أثرت بهل حاشيه البرد من شده جذبته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك! فألتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضحك، و أمر له بعطاء.
و عن عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((إن الله رفيق، يحب الرفق، و يعطى على الرفق مالا يعطى على العنف، و مالا يعطى على سواه )).
و في رواية: (( إن الرفق لا يكون في شئ إلا زانه، ولا ينزع من شئ إلا شانه))
و عن جرير أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ((إن الله عز و جل ليعطى على الرفق ما لا يعطى على الخرق – الحمق – و إذا أحب الله عبدا أعطاه الرفق، ما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا حرموا الخير كله )).
و سئلت عائشة رضى الله عنها ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعل فى بيته؟ قالت: (( كان يكون في مهنة أهله – أي خدمتهم- فإذا حضرت الصلاة يتوضأ و يخرج إلى الصلاة)).
وعن عبد الله بن الحارث: ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه و سلم!.
و عن أنس: كان رسول الله أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ فطيم، يسمى أبا عمير، لديه عصفور صغير اسمه النغير، فكان رسول الله يلاطف الطفل الصغير ويقول له: " يا أبا عمير، ما فعل النغير"!.
و المعروف في شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان سمحًا لا يبخل بشيء أبدًا، شجاعًا لا ينكص عن حق أبدًا، عدلا لا يجور في حكم أبدًا، صدوقا أميناً في أطوار حياته كلها.
وقد أمر الله المسلمين أن يقتدوا به في طيب شمائله وعريق خلاله فقال: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا ﴾ (الأحزاب: 21).
قال القاضي عياض:
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، لقد فظع أهل المدينة ليلة، فانطلق ناس ِقبل الصوت، فتلقاهم رسول الله راجعا، قد سبقهم إليه واستبرأ الخبر على فرس لأبى طلحة عري و السيغ في عنقه، وهو يقول لن تراعوا.
و قال على رضى الله عنه: إنا كنا – إذا حمى البأس و احمرت الحدق- نتقى برسول الله صلى الله عليه و سلم، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه.
و عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:لا, وقد قالت له خديجة: ((إنك تحمل الكل وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق)).
و حمل إليه سبعون ألف درهم، فوضعت على حصير، ثم قام إليها يقسمها، فما رد سائلاً، حتى فرغ منها.
وجاءه رجل فسأله، فقال له: ما عندي شئ، ولكن ابتع علي، فإذا جائنا شئ قضيناه، فقال عمر: ما كلفك الله مالا تقدر عليه! فكره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالاً، فتبسم النبي، وعرف البشر في وجهه، وقال: بهذا أُمرت.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤلف أصحابه ولا ينفرهم، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم.
ويحذر الناس ويحترس منهم، من غير أن يطوى عن أحد منهم بشره ولا خلقه.
يتفقد أصحابه ويعطى كل جلسائه نصيبه، لا يحسب جليسه أن أحدًا أكرم عليه منه.
من جالسه، أو قاربه لحاجه صابره، حتى يكون هو المنصرف عنه.
ومن سأله حاجه لم يرده إلا بها، أو بميسور من القول.
قد وسع الناس بسطه و خلقه، فصار لهم أبا، و صاروا عنده في الحق سواء.
وكان دائم البشر، سهل البع، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب، ولا فحاش، ولا عتاب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهى، ولا يقنط منه قاصده.
وعن عائشة رضى الله عنها: ما كان أحد أحسن خلقًا من رسول الله، ما دعاه أحد من أصحابه ولا أهل بيته إلا قال: لبيك.
و قال جرير بن عبد الله رضى الله عنه: ما حجبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم.
وكان يمازح أصحابه ويخالطهم و يجاريهم، ويداعب صبيانهم و يجلسهم في حجره.
ويجيب دعوة الحر والعبد والأمة والمسكين، ويعود المرضى في أقصى المدينة، ويقبل عذر المتعذر.
قال أنس: ما ألتقم أحد أذن رسول الله صلى الله عليه و سلم فينحى رأسه حتى يكون الرجل هو الذي ينحى رأسه، وما أخذ أحد بيده فيرسل يده حتى يرسلها الأخر، و كان يبدأ من لاقيه بالسلام، و يبدأ أصحابه بالمصافحة.
لم ير قط مادًا رجليه بين أصحابه فيضيق بهما على أحد.
يكرم من يدخل عليه، وربما بسط له ثوبه، ويؤثره بالوسادة التي تحته، ويعزم عليه في الجلوس عليها إن أبى.
ويكنى أصحابه ويدعوهم بأحب أسمائهم تكرمه لهم، ولا يقطع على أحد حديثه، حتى يتجوز فيقطعه بانتهاء أو قيام.
وعن أنس: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ أتى بهديه قال: اّذهبوا بها إلى بيت فلانة، فإنها كانت صديقه لخديجة، إنها كانت تحب خديجة.
و عن عائشة رضى الله عنها قالت: ما غرت من امرأة، ما غرت من خديجة، لما كنت أسمعه يذكرها، وإن كان يذبح الشاه فيهديها إلى خلائلها، واستأذنت عليه أختها فأرتاح إليها، ودخلت عليه امرأة فهش لها وأحسن السؤال عنها، فلما خرجت قال: إنها كانت تأتينا أيام خديجة، وإن حسن العهد من الأيمان.
وكان يصل ذوى رحمه، من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم.
و عن أبى قتاده: لما جاء وفد النجاشى قام رسول الله صلى الله عليه و سلم يخدمهم، فقال له أصحابه: نكفيك، فقال: إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين، وأنى أحب أن أكافئهم.
و عن أبي أمامة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئًا على عصا، فقمنا له فقال: لا تقوموا كما يقوم الأعاجم، يعظم بعضهم بعضًا.
وقال: إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد، وكان يركب الحمار، ويردف خلفه، ويعود المساكين، ويجالس الفقراء، ويجلس بين أصحابه مختلطًا بهم، حيثما انتهى به المجلس جلس.
وحج رسول الله صلى الله عليه وسلم على رحل رث عليه قطيفه ما تساوى أربعه دراهم، فقال: الهم حجه لا رياء فيها ولا سمعة.
و لما فتحت عليه مكة ودخلها بجيوش المسلمين، طأطأ رأسه على راحلته حتى كاد يمس قادمته، تواضعا لله تعالى.
وكان كثير السكوت لا يتكلم في غير الحاجة، و يعرض عمن تكلم بغير جميل.
و كان ضحكه تبسمًا، و كلامه فصلاً، لا فضول فيه ولا تقصير.
و كان ضحك أصحابه عنده التبسم، توقيرا له و إقتداء به.
مجلسه مجلس حلم و خير وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، لا تخدش فيه الحرم.
إذا تكلم أطرق جلساؤه، كأنما على رؤوسهم الطير.
و إذا مشى مجتمعا، يعرف في مشيته أنه غير ضجر ولا كسلان.
قال بن أبى هالة: كان سكوته على أربع: على الحلم، والحذر، والتقدير، والتفكر.
و قالت عائشة كان يتحدث حديثًا، لو عده العاد أحصاه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الطيب والرائحة الحسنة؛ و يستعملها كثيرًا.
و قد سيقت له الدنيا بحذافيرها، و ترادفت عليه فتوحها، فأعرض عن زهرتها، ومات و درعه مرهونة عند يهودي في نفقة عياله.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات
- أميرة بكلميتى
عدد المساهمات : 346
نقاط : 659
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 03/04/2011
رد: لمحة من أخلاق خير البشر
الخميس 07 أبريل 2011, 8:56 am
- اسكندرانيه
عدد المساهمات : 194
نقاط : 346
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 16/04/2011
رد: لمحة من أخلاق خير البشر
الأحد 17 أبريل 2011, 2:00 am
جميل اوي الموضوع
تسلم ايديك
وبارك الله فيكي
تسلم ايديك
وبارك الله فيكي
- hema
عدد المساهمات : 3212
نقاط : 4758
التقييم : 2
تاريخ التسجيل : 27/02/2011
رد: لمحة من أخلاق خير البشر
الثلاثاء 19 أبريل 2011, 2:14 pm
--------------------
- سيرينا
عدد المساهمات : 972
نقاط : 1587
التقييم : 6
تاريخ التسجيل : 06/04/2011
العمل/الترفيه : لا اعمل
رد: لمحة من أخلاق خير البشر
الأربعاء 01 يونيو 2011, 12:15 am
جزاك الله خيروجعله فى ميزان حسناتك
بارك الله فيك
شكرا على الموضوع الرائع
نترقب مزيدك
بارك الله فيك
شكرا على الموضوع الرائع
نترقب مزيدك
- ريتاج
عدد المساهمات : 2084
نقاط : 4163
التقييم : 6
تاريخ التسجيل : 18/05/2011
العمل/الترفيه : مجال الكمبيوتر
رد: لمحة من أخلاق خير البشر
الأحد 05 يونيو 2011, 11:02 pm
- الفارس النبيل
عدد المساهمات : 11
نقاط : 11
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 04/08/2011
رد: لمحة من أخلاق خير البشر
الجمعة 05 أغسطس 2011, 1:06 am
صلى الله عليه وسلم
- نور الحب
عدد المساهمات : 1117
نقاط : 1179
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 13/06/2011
رد: لمحة من أخلاق خير البشر
الإثنين 08 أغسطس 2011, 2:58 am
استمر في جهودك العظيمة
بارك الله فيك وجعله فى ميزان حسناتك
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى