- قلب ساجد
عدد المساهمات : 594
نقاط : 1058
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 09/03/2011
وإذا الوحوش حشرت
الخميس 31 مارس 2011, 11:59 pm
وإذا الوحوش حشرت
زياد أبو رجائي
رجح الألوسي(1) في « تفسيره » الآية : ( وَإِذَا الوُحُوشُ حُشِرَتْ)
{التَّكوير:5} ما ذهب إليه الغزالي في أنه : « لا يحشر غير الثقلين
لعدم كونه مكلفا و لا أهلا لكرامة بوجه » ، بل زاد على ذلك بعد ان
ناصر مذهب الغزالي ونعته بحجة الإسلام : « و ليس في هذا الباب نص من
كتاب أو سنة معول عليها يدل على حشر غيرهما من الوحوش ، و خبر مسلم و
الترمذي و إن كان صحيحا لكنه لم يخرج مخرج التفسير للآية و يجوز أن يكون
كناية عن العدل التام . و إلى هذا القول أميل و لا أجزم بخطأ القائلين
بالأول لأن لهم ما يصلح مستندا في الجملة . و الله تعالى أعلم »
وتأسف الإمام الألباني - رحمه الله - لمثل هذا المنحى في تفسير الآية ،
بخلاف ما ثبت في صحيح السنة حول الحشر ، فقال في السلسلة الصحيحة :
« و من المؤسف أن ترد كل هذه الأحاديث من بعض علماء الكلام بمجرد
الرأي » .
وتعجب الامام الألباني - رحمه الله - بعد أن استغرب قول الألوسي في تفسيره
روح المعاني تعليقاً على هذه الآية : « و أعجب منه أن يجنح إليه
العلامة الألوسي ! فقال : - بعد أن ساق الحديث عن أبي هريرة من رواية مسلم
و من رواية أحمد بلفظ الترجمة عند تفسيره الآية . » ثم علق الإمام
رحمه الله بقوله : « كذا قال - عفا الله عنا و عنه - » ،
وأردف الالباني : « و هو منه غريب جدا » ؛ ( لأنه على خلاف ما
نعرفه عنه في كتابه المذكور من سلوك الجادة في تفسير آيات الكتاب على نهج
السلف) ، دون تأويل أو تعطيل ، فما الذي حمله هنا على أن يفسر الحديث على
خلاف ما يدل عليه ظاهره ؟، و أن يحمله على كناية عن العدل التام ؟، أليس
هذا تكذيبا للحديث المصرح بأنه يقاد للشاة الجماء من الشاة القرناء(2) ؟!،
فيقول هو تبعا لعلماء الكلام : إنه كناية ! ... أي لا يقاد للشاة الجماء .
و هذا كله يقال لو وقفنا بالنظر عند رواية مسلم المذكورة ، أما إذا
انتقلنا به إلى الروايات الأخرى كحديث الترجمة و حديث أبي ذر و غيره ،
فإنها قاطعة في أن القصاص المذكور هو حقيقة و ليس كناية ».
وقال النووي في « شرح مسلم » تحت هذا الحديث : « هذا
تصريح بحشر البهائم يوم القيامة و إعادتها يوم القيامة كما يعاد أهل
التكليف من الآدميين و كما يعاد الأطفال و المجانين ، و من لم تبلغه دعوة
. و على هذا تظاهرت دلائل القرآن و السنة ، قال الله تعالى : [وَإِذَا
الوُحُوشُ حُشِرَتْ] {التَّكوير:5} و إذا ورد لفظ الشرع و لم يمنع من
إجرائه على ظاهره عقل و لا شرع ، وجب حمله على ظاهره . قال العلماء : و
ليس من شرط الحشر و الإعادة في القيامة المجازاة و العقاب و الثواب . و
أما القصاص من القرناء للجلحاء فليس هو من قصاص التكليف ، إذ لا تكليف
عليها بل هو قصاص مقابلة ، و ( الجلحاء ) بالمد هي الجماء التي لا قرن لها
.و الله أعلم » .
قال الألباني تعقيباً على قول النووي - رحمهم الله - : « و رحم الله
الإمام النووي ، فقد أشار بقوله السابق : « و إذا ورد لفظ الشرع و
لم يمنع من إجرائه على ظاهره عقل و لا شرع وجب حمله على ظاهره » ،
أشار بهذا إلى رد التأويل المذكور و بمثل هذا التأويل أنكر الفلاسفة و
كثير من علماء الكلام كالمعتزلة و غيرهم رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة
و علوه على عرشه و نزوله إلى السماء الدنيا كل ليلة و مجيئه تعالى يوم
القيامة .
و غير ذلك من آيات الصفات و أحاديثها .
و بالجملة ، فالقول بحشر البهائم و الاقتصاص لبعضها من بعض هو الصواب الذي
لا يجوز غيره ، فلا جرم أن ذهب إليه الجمهور كما ذكر الألوسي نفسه في مكان
آخر من « تفسيره» ( 9 / 281 ) .
و به جزم الشوكاني في تفسير آية التكوير « من تفسيره » (3)
ونقل الامام الألباني في سلسلته : « و ذكر نحوه ابن الملك في "
مبارق الأزهار " ( 2 / 293 ) مختصرا . و نقل عنه العلامة الشيخ علي
القاريء في " المرقاة " ( 4 / 761 ) أنه قال :
« فإن قيل : الشاة غير مكلفة ، فكيف يقتص منها ؟ قلنا : إن الله
تعالى فعال لما يريد و لا يسأل عما يفعل و الغرض منه إعلام العباد أن
الحقوق لا تضيع بل يقتص حق المظلوم من الظالم » . قال القاريء :
« و هو وجه حسن ، و توجيه مستحسن ، إلا أن التعبير عن الحكمة بـ (
الغرض ) وقع في غير موضعه . و جملة الأمر أن القضية دالة بطريق المبالغة
على كمال العدالة بين كافة المكلفين ، فإنه إذا كان هذا حال الحيوانات
الخارجة عن التكليف ، فكيف بذوي العقول من الوضيع و الشريف ، و القوي و
الضعيف ؟ » (4)
وقال العلامة السعدي - رحمه الله - في تفسيره : « أي: جمعت ليوم
القيامة، ليقتص الله من بعضها لبعض، ويرى العباد كمال عدله، حتى إنه ليقتص
من القرناء للجماء ثم يقول لها: كوني ترابا. »
وبه قال الإمام البغوي في تفسيره الآية : « يعني دواب البر »
ونقل ابن كثير عن جمع من أئمة السلف : « قال ابن عباس: يحشر كل شيء
حتى الذباب. رواه ابن أبي حاتم. وكذا قال الربيع بن خُثَيم والسّديّ، وغير
واحد. وكذا قال قتادة في تفسير هذه الآية: إن هذه الخلائق موافية فيقضي
الله فيها ما يشاء »
1- في تفسيره " روح المعاني " ( 9 / 306 )
2- [ إن الجماء لتقص من القرناء يوم القيامة ] . ( صحيح ) . وورد بلفظ :
لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة ؛ حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة
القرناء . واسناده صحيح . وورد بلفظ أيضا : يقتص الخلق بعضهم من بعض حتى
الجماء من القرناء وحتى الذرة من الذرة . واسناده صحيح . وعن أبي ذر قال :
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاتين تنتطحان فقال : يا أباذر ! أتدري
فيما تنتطحان ؟ . قلت : لا قال : لكن ربك يدري وسيقضي بينهما يوم القيامة
. واسناده صحيح (السلسلة الصحيحة)
3- فتح القدير ( 5 /377 )
4- السلسلة الصحيحة ( مجلد 4 / حديث :1967)
ليس المهم أن تضع ردا المهم أن تستفيد
- الملكة
عدد المساهمات : 1819
نقاط : 3243
التقييم : 76
تاريخ التسجيل : 08/03/2011
رد: وإذا الوحوش حشرت
الجمعة 01 أبريل 2011, 1:03 am
بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء
على الطرح المميز وعلى اللإفادة
جعله الله لك في موازين الحسنات
وثبتك اجره
تقبل مروري وتقديري
على الطرح المميز وعلى اللإفادة
جعله الله لك في موازين الحسنات
وثبتك اجره
تقبل مروري وتقديري
- hema
عدد المساهمات : 3212
نقاط : 4758
التقييم : 2
تاريخ التسجيل : 27/02/2011
رد: وإذا الوحوش حشرت
الأربعاء 27 أبريل 2011, 3:05 am
بارك الله فيك وتقبل منا ومنكم صالح الاعمال
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى