- sror
عدد المساهمات : 1115
نقاط : 1497
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 07/08/2011
أغتنمو لليلة القدر
الأربعاء 24 أغسطس 2011, 6:51 pm
، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ
وَجَلَّ ـ فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَحسِنُوا العَمَلَ " إِنَّ
اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُحسِنُونَ "
أَيُّهَا
المُسلِمُونَ ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّىَ اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ
لَقَد خَصَّكُمُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِخَصَائِصَ وَجَعَلَ لَكُم
مَزَايَا ، وَمَنَحَكُم كَثِيرًا مِنَ الفَضَائِلِ وَنَوَّعَ لَكُمُ
العَطَايَا ، وَمِن ذَلِكَ أَنَّهُ ـ تَعَالى ـ لَمَّا قَدَّرَ أَعمَارَكُم
في هَذِهِ الدَّارِ الفَانِيَةِ بِسِنِينَ قَلِيلَةٍ ، عَوَّضَكُم عَن
ذَلِكَ بِأَوقَاتٍ ثَمِينَةٍ وَمَوَاسِمَ جَلِيلَةٍ ، أَوقَاتٌ تُضَاعَفُ
فِيهَا الحَسَنَاتُ وَتُمنَحُ الأُجُورُ ، وَمَوَاسِمُ تَزدَانُ فِيهَا
العِبَادَةِ وَتَحلُو الطَّاعَةُ ، فَالسَّعِيدُ مِنكُم مَن بَادَرَ
أَيَّامًا تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ، وَاغتَنَمَ لَيَاليَ سَرِيعَةَ
الانقِضَاءِ وَالذَّهَابِ .
لَقَد قُمتُم في
خَيرِ الشُّهُورِ تِسعَ عَشرَةَ لَيلَةً ، وَصُمتُم مِن أَيَّامِهِ
ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَومًا وَأَنتُم في التَّاسِعَ عَشَرَ ، وَمَا هِيَ
إِلاَّ لَيلَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَومٌ وَاحِدٌ ، ثُمَّ تَدخُلُونَ في أَفضَلِ
لَيَالي العَامِ عَلَى الإِطلاقِ ، وَتَلِجُونَ في لَيَالي العَشرِ
الأَخِيرَةِ مِن رَمَضَانَ ، تِلكَ اللَّيَالي الَّتي فِيهَا لَيلَةٌ
عَظِيمَةُ الفَضلِ جَلِيلَةُ القَدرِ ، جَعَلَ المَولى ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ
العِبَادَةِ فِيهَا خَيرًا مِن عِبَادَةِ أَلفِ شَهرٍ ، إِنَّهَا
اللَّيلَةُ الَّتي يُقَدَّرُ فِيهَا مَا يَكُونُ في السَّنَةِ بِأَمرِ
اللهِ مِن أَقدَارٍ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : " فِيهَا يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ
حَكِيمٍ " إِنَّهَا اللَّيلَةُ الَّتي يَنزِلُ فِيهَا مَلائِكَةٌ ذَوُو
شَرَفٍ وَقَدرٍ ، إِنَّهَا اللَّيلَةُ الَّتي نَزَلَ فِيهَا كِتَابٌ ذُو
مَنزِلَةٍ وَقَدرٍ ، بِوَاسِطَةِ مَلَكٍ كَرِيمٍ أَمِينٍ ذِي قَدرٍ ، عَلَى
رَسُولٍ ذِي قَدرٍ وَأُمَّةٍ ذَاتِ قَدرٍ " إِنَّا أَنزَلنَاهُ في لَيلَةٍ
مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ " " إِنَّا أَنزَلنَاهُ في لَيلَةِ
القَدرِ " إِنَّهَا لَيلَةٌ لِلَطَّاعَاتِ فِيهَا قَدرٌ ، وَمَن أَقَامَهَا
وَأَحيَاهَا صَارَ ذَا مَكَانَةٍ وَقَدرٍ ، وَفِيهَا أَنزَلَ اللهُ ـ
تَعَالى ـ سُورَةً كَامِلَةً هِيَ سُورَةُ القَدرِ ، بَل أَنزَلَ ـ جَلَّ
وَعَلا ـ القُرآنَ فِيهَا مِنَ اللَّوحِ المَحفُوظِ إِلى السَّمَاءِ
الدُّنيَا ، وَابتَدَأَ فِيهَا إِنزَالَهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ ـ
عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنيَا إِلى الأَرضِ .
فَخَّمَ ـ سُبحَانَهُ ـ أَمرَهَا وَعَظَّمَهَا فَقَالَ ـ تَعَالى ـ : "
وَمَا أَدرَاكَ مَا لَيلَةُ القَدرِ " ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الأَعمَالَ
فِيهَا خَيرٌ مِنَ الأَعمَالِ في أَلفِ شَهرٍ فِيمَا سِوَاهَا ، وَأَلفُ
شَهرٍ تُعَادِلُ مَا يَزِيدُ عَلَى ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً ، ثُمَّ
بَيَّنَ أَنَّ المَلائِكَةَ فِيهَا تَتَنَزَّلُ إِلى الأَرضِ ،
وَالمَلائِكَةُ عِبَادٌ مُكرَمُونَ ، لا يَنزِلُونَ إِلاَّ بِالخَيرِ
وَالبَرَكَةِ وَالرَّحمَةِ ، وَمِن ثَمَّ صَارَت تِلكَ اللَّيلَةُ سَلامًا ؛
لِكَثرَةِ السَّلامَةِ فِيهَا مِن أَلِيمِ العِقَابِ ، وَلِفِكَاكِ
الرِّقَابِ فِيهَا وَنَجَاتِهَا مِنَ العَذَابِ " لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ
مِن أَلفِ شَهرٍ ، تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذنِ
رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ . سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطلَعِ الفَجرِ " أَلا
فَشَمِّرُوا ـ عِبَادَ اللهِ ـ عَن سَوَاعِدِ الجَدِّ وَالاجتِهَادِ ،
وَاعقُدُوا العَزمَ عَلَى مُوَاصَلَةِ العَمَلِ الصَّالِحِ ، وَطَلِّقُوا
التَّوَانيَ وَانبُذُوا الكَسَلَ ، وَاعلَمُوا أَنَّ مَن قَامَ هَذِهِ
اللَّيلَةَ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ ،
فَمَاذَا يُرِيدُ مُسلِمٌ أَفضَلَ مِن هَذَا ؟! وَمَاذَا عَسَاهُ يَنَالُ
أَكمَلَ مِنهُ أَو أَعظَمَ ؟ يَعمَلُ يَسِيرًا وَيُؤجَرُ كَثِيرًا ،
وَيَقُومُ لَيلَةً وَاحِدَةً وَيُجزَى جَزَاءَ مَن قَامَ ثَلاثِينَ أَلفَ
لَيلَةٍ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " مَن قَامَ لَيلَةَ
القَدرِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ "
رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ . وَمَعنى " مَن قَامَ لَيلَةَ القَدرِ
إِيمَانًا " أَي : تَصدِيقًا بِفَضلِهَا ، وَتَصدِيقًا بِمَشرُوعِيَّةِ
العَمَلِ الصَّالحِ فِيهَا ، مِن صَلاةٍ وَقِرَاءَةٍ وَدُعَاءٍ ،
وَابتِهَالٍ وَخُشُوعٍ وَخُضُوعٍ . وَأَمَّا الاحتِسَابُ ، فَمَعنَاهُ
خُلُوصُ النِّيَّةِ وَصِدقُ الطَّوِيَّةِ ، بِحَيثُ لا يَكُونُ في قَلبِ
المُؤمِنِ شَكٌّ وَلا تَرَدُّدٌ ، وَلا يُرِيدُ مِن صَلاتِهِ وَلا مِن
قِيَامِهِ وَلا دُعَائِهِ شَيئًا مِن حُطَامِ الدُّنيَا ، وَلا يُرِيدُ
مُرَاءَاةَ النَّاسِ وَلا التِمَاسَ شَيءٍ مِن مَدحِهِم أَو ثَنَائِهِم
عَلَيهِ ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَجرَهُ وَثَوَابَهُ مِنَ اللهِ وَحدَهُ ،
فَهَذَا هُوَ مَعنى قَولِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : "
إيمانًا وَاحتِسَابًا "
أَيُّهَا
المُسلِمُونَ ، لَقَد كَانَ نَبِيُّكُم ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ
يَجتَهِدُ في تَحَرِّي تِلكَ اللَّيلَةِ العَظِيمَةِ ، حَتَّىَ لَقَد
كَانَ يُعلِنُ النَّفِيرَ العَامَّ في بَيتِهِ في العَشرِ الأَوَاخِرِ ،
طَمَعًا في الفَوزِ بها وَحِرصًا عَلَى إِدرَاكِهَا ، رَوَى البُخَارِيُّ
وَمُسلِمٌ عَن عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ أَنَّهَا قَالَت : كَانَ
إِذَا دَخَلَ العَشرُ أَحيَا اللَّيلَ ، وَأَيقَظَ أَهلَهُ ، وَجَدَّ
وَشَدَّ المِئزَرَ . هَكَذَا كَانَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ
يُحيِي اللَّيلَ وَيُوقِظُ أَهلَهُ ، وَيَشُدُّ المِئزَرَ اجتِهَادًا في
العِبَادَةِ وَانشِغَالاً بِالطَّاعَةِ ، وَتَخلِّيًا عَنِ الدُّنيَا
وَهَجرًا لِمَلَذَّاتِهَا ، وَالتِفَاتًا عَن نِسَائِهَا وَزُهدًا في
شَهَوَاتِهَا ، لَقَد عَلِمَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ أَنَّهَا
لَيَالٍ فَاضِلاتٌ مَعدُودَاتٌ ، تِسعٌ أَو عَشرٌ ، وَمِن ضِمنِهَا لَيلَةٌ
خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ ، فَكَيفَ يَسمَحُ لِنَفسِهِ وَالحَالُ تِلكَ أَن
تُفَرِّطَ في هَذَا الأَجرِ أَو تَزهَدَ في ذَلِكَ الفَضلِ ؟! لم يَكُنْ ـ
عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ يَترُكُ وَلا لَيلَةً وَاحِدَةً ، بَل
كَانَ يُحيِي العَشرَ كُلَّهَا ، وَيَجتَهِدُ فِيهَا اجتِهَادًا عَظِيمًا ،
وَأَمَّا المُسلِمُونَ اليَومَ ، فَنَسأَلُ اللهَ لَنَا وَلَهُمُ
الهِدَايَةَ وَالتَّوفِيقَ ، مَا تَكَادُ تَدخُلُ العَشرُ إِلاَّ وَقَد
دَبَّ إِلى قُلُوبِ بَعضِهِمُ الضَّعفُ وَالخَوَرُ ، وَدَاخَلَ نُفُوسَهُمُ
العَجزُ وَالكَسَلُ ، وَقَلَّ نَشَاطُهُم وَفَتَرَت مِنهُمُ العَزَائِمُ
وَخَمَدَتِ الهِمَمُ ، وَالمُجتَهِدُ مِنهُم مَن تَرَاهُ يُحَافِظُ عَلَى
لَيَالي الأَوتَارِ خَاصَّةً ، أَو يَقتَصِرُ عَلَى قِيَامِ لَيلَةِ سَبعٍ
وَعِشرِينَ ، وَتَرَاهُم يَتَسَاءَلُونَ عَن عَلامَاتِ لَيلَةِ القَدرِ
وَيَبحَثُونَ عَنهَا ، وَيَتَحَرَّونَ فِيهَا المَرَائِيَ المَنَامِيَّةَ
أَوِ العَلامَاتِ الظَّنِّيَّةَ ، وَيُجهِدُونَ أَنفُسَهُم فِيمَا لا
يَحتَاجُونَ إِلَيهِ ، لأَنَّهُم لَو قَامُوا تِسعَ لَيَالٍ أَو عَشرًا ،
لأَدرَكُوا لَيلَةَ القَدرِ قَطعًا ، وَلَنَالُوا مِن قِيَامِ اللَّيَالي
الأُخرَى نَصِيبًا مِنَ الأَجرِ مُضَاعَفًا ، وَلَخَرَجُوا مِن شَهرِهِم
وَقَدِ امتَلأَت قُلُوبُهُم إِيمَانًا وَانشَرَحَت صُدُورُهُم بِالطَّاعَةِ
، وَلَتَزَوَّدُوا لأُخرَاهُم مِنَ زَادِ التَّقوَى الَّذِي هُوَ خَيرٌ ،
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ جَمِيعًا ـ أَيُّهَا المُؤمِنُونَ ـ وَاحرِصُوا
عَلَى تَحَرِّي لَيلَةِ القَدرِ في كُلِّ هَذِهِ اللَّيَالي العَشرِ ،
وَأَكثِرُوا مِن تِلاوَةِ القُرآنِ وَاشتَغِلُوا بِالذِّكرِ ، وَقُومُوا في
المَسَاجِدِ وَلا تُفَوِّتُوا وَلا رَكعَةً مَعَ الإِمَامِ ، وَصَلُّوا
بِاللَّيلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، وَأَطعِمُوا الطَّعَامَ وَأَفشُوا
السَّلامَ وَصِلُوا الأَرحَامَ ، وَأَزِيلُوا مَا في القُلُوبِ مِنَ
الشَّحنَاءِ وَالخِصَامِ ، وَأَكثِرُوا مِنَ الصَّدَقَاتِ وَأَدُّوا مَا
وَجَبَ عَلَيكُم مِن زَكَوَاتٍ ، وَادعُوا رَبَّكُم وَأَنتُم مُوقِنُونَ
بِالإِجَابَةِ ، وَاسأَلُوهُ ـ تَعَالى ـ العَفوَ وَالعَافِيَةَ ، فَقَد
صَحَّ في الحَدِيثِ عَن عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ أَنَّهَا قَالَت
لِلنَّبيِّ ـ صَلَّىَ اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : أَرَأَيتَ إِنْ
وَافَقتُ لَيلَةَ القَدرِ ، مَا أَقُولُ فِيهَا ؟ قَالَ : " قَولي :
اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعفُ عَنِّي " رَوَاهُ
التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
إِنَّهُ وَإِنْ
كَانَ لِهَذِهِ اللَّيلَةِ عَلامَاتٌ مُقَارِنَةٌ لَهَا وَعَلامَاتٌ
لاحِقَةٌ تَأتي بَعدَهَا ، قَدِ اجتَهَدَ أَهلُ العِلمِ في تَعدَادِهَا
وَذِكرِهَا ، إِلاَّ أَنَّنَا ـ وَرَبِّ البَيتِ ـ لَسنَا بِحَاجَةٍ إِلى
أَن نَتَتَبَّعَ هَذِهِ العَلامَاتِ وَنَذكُرَهَا وَنُفَصِّلَ فِيهَا
وَنَشرَحَهَا ، بِقَدرِ مَا نَحنُ بِحَاجَةٍ إِلى أَن نَقُولَ : يَا
أُمَّةَ الإِسلامِ ، اتَّقُوا اللهَ في أَنفُسِكُم وَقُومُوا لَيَاليَ
العَشرِ جَمِيعًا ، وَتَقَرَّبُوا إِلى رَبِّكُم واغَنمُوا عُمُرًا يَمُرُّ
سَرِيعًا ، وَاعلَمُوا أَنَّ في إِخفَاءِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ
لِلَيلَةِ القَدرِ عَنكُم لِتَتَحَرَّوهَا في العَشرِ الأَوَاخِرِ كُلِّهَا
، إِنَّ في ذَلِكَ لَتَرغِيبًا مِنهُ ـ جَلَّ وَعَلا ـ لَكُم في
عِبَادَتِهِ ، وَحَثًّا عَلَى الاجتِهَادِ في طَاعَتِهِ ، وَمَحَبَّةً
مِنهُ لاستِكثَارِكُم مِمَّا يُقَرِّبُكُم إِلَيهِ ، وَفي ذَلِكَ اختِبَارٌ
لَكُم وَامتِحَانٌ ؛ يَتَبَيَّنُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُم جَادًّا في
طَلَبِهَا حَرِيصًا عَلَى إِدرَاكِهَا ، مِمَّن كَانَ كَسلانَ مُتَهَاوِنًا
مُتَبَاطِئًا . وَمَن حَرِصَ عَلَى شَيءٍ جَدَّ في طَلَبِهِ ، وَهَانَ
عَلَيهِ التَّعَبُ في سَبِيلِ الوُصُولِ إِلَيهِ ، وَبَذلَ مَا في وُسعِهِ
لِلظَّفَرِ بِهِ . فَهَنِيئًا لِمَن صَبَرَ وَصَابَرَ وَرَابَطَ ،
وَاتَّقَى رَبَّهُ وَجَاهَدَ نَفسَهُ وَعَمِلَ صَالِحًا ، أَعُوذُ بِاللهِ
مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : " إِنَّ المُتَّقِينَ في جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
. آخِذِينَ مَا آتَاهُم رَبُّهُم إِنَّهُم كَانُوا قَبلَ ذَلِكَ
مُحسِنِينَ . كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيلِ مَا يَهجَعُونَ .
وَبِالأَسحَارِ هُم يَستَغفِرُونَ . وَفي أَموَالِهِم حَقٌّ لِلسَّائِلِ
وَالمَحرُومِ "
أَمَّا بَعدُ ،
فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ ، وَرَاقِبُوا أَمرَهُ
وَنَهيَهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاعلَمُوا أَنَّ الأَعمَالَ بِالخَوَاتِيمِ ،
وَالعِبرَةَ بِالنِّهَايَاتِ وَحُسنِ الثَّبَاتِ . وَإِنَّ مِمَّا يُلحَظُ
في كُلِّ عَامٍ ، أَنَّ أَعدَادَ المُصَلِّينَ في عَشرِ العِتقِ مِنَ
النَّارِ تَقِلُّ ، وَنَشَاطَهُم في ثُلُثِ البَرَكَاتِ وَالتَّجَلِّيَاتِ
يَضمَحِلُّ ، فَيَكثُرُ المُتَخَلِّفُونَ عَن صَلاةِ القِيَامِ
بِالأَسحَارِ ، بَل يَتَهَاوَنُ بَعضُهُم بِالمَكتُوبَاتِ وَالفَرَائِضِ ،
فَيَا مَعشَرَ الصَّائِمِينَ القَائِمِينَ ، صُومُوا اليَومَ عَن شَهَوَاتِ
الهَوَى لِتُدرِكُوا عِيدَ الفِطرِ يَومَ اللِّقَاءِ ، لا يَطُولَنَّ
عَلَيكُمُ الأَمَلُ بِاستِبطَاءِ الأَجَلِ ، فَإِنَّ مُعظَمَ نَهَارِ
الصِّيَامِ قَد ذَهَبَ ، وَعِيدَ اللِّقَاءِ قَدِ اقتَرَبَ ، وَا
إِخوَتَاهُ ! أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِنَ النَّارِ ، وَاطلُبُوا رَحمَةَ
العَزِيزِ الغَفَّارِ ، وَا إِخوَتَاهُ ! خُذُوا نَصِيبَكُم مِن هَذِهِ
الأَعضَاءِ في طَاعَةِ اللهِ قَبلَ أَن تُودَعَ اللُّحُودَ وَيَأكُلَهَا
الدُّودُ ، وَا إِخوَتَاهُ ! اغتَنِمُوا أَوقَاتَكُم وَسَاعَاتِ
أَعمَارِكُم ، قَبلَ أَن يَقُولَ المُفَرِّطُونَ : " يَا حَسرَتَنَا عَلَى
مَا فَرَّطنَا فِيهَا " لَقَد كَانَ نَبِيُّكُم وَقُدوَتُكُم وَهُوَ
المَغفُورُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ، كَانَ
يَجتَهِدُ في هَذِهِ العَشرِ مَا لا يَجتَهِدُ في غَيرِهَا ، عَن عَائِشَةَ
ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ قَالَت : كَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّىَ اللهُ
عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ يَجتَهِدُ في العَشرِ الأَوَاخِرِ مَا لا يَجتَهِدُ في
غَيرِهِ . رَوَاهُ مُسلِمٌ ، وَعَنهَا ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ قَالَت :
كَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّىَ اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ يَعتَكِفُ
العَشرَ الآوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ ، ثُمَّ
اعتَكَفَ أَزوَاجُهُ مِن بَعدِهِ . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وَعَن أَبي سَعِيدٍ
الخُدرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّىَ اللهُ
عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ اعتَكَفَ العَشرَ الأَوَّلَ مِن رَمَضَانَ ، ثُمَّ
اعتَكَفَ العَشرَ الأَوسَطَ في قُبَّةٍ تُركِيَّةٍ ، ثُمَّ أَطلَعَ رَأسَهُ
فَقَالَ : " إِنِّي اعتَكَفتُ العَشرَ الأَوَّلَ أَلتَمِسُ هَذِهِ
اللَّيلَةَ ، ثُمَّ اعتَكَفتُ العَشرَ الأَوسَطَ ، ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ
لي : إِنَّهَا في
- حياة
عدد المساهمات : 81
نقاط : 83
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 12/08/2011
رد: أغتنمو لليلة القدر
الجمعة 26 أغسطس 2011, 12:59 am
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى