- da3i
عدد المساهمات : 1431
نقاط : 2865
التقييم : 1
تاريخ التسجيل : 12/03/2011
الشيطان وقلب ابن آدم
الإثنين 18 يوليو 2011, 1:54 am
الشيطان وقلب ابن آدم
القلبُ موضعُ الإيمانِ ومنه يشعّ نوره على الجوارح، وعلى قدر هذا الإيمان يكون الأثر على الجوارح, ولذلك نرى أن الشَّيطان يختار أقرب المواقع من القلب ليُحكم كيده، ويتمكن من الوصول لغايته من الوسوسة والتأثير على القلب.
والشَّيطانُ أشدُّ أعداء بني آدم وأخطرها على الإطلاق، فهو قائد المعارك جميعًا ضد القلب، وهو قد اختار أشرف بقعة وأعظمَ مكانٍ ليستقر فيه وهو القلب ليفسد على ابن آدم دينه ودنياه، ولذلك كان الشيطان أعظم إفسادًا للقلب وضررا، فلايزال يضعفه ويؤذيه حتى يدخل عليه ما يعطل به جوارحه جارحة جارحة من الآفات المهلكة للقلب.
وقد اختلف العلماءُ في المكان الذي يقعد فيه الشَّيطان من القلب، فقيل هو يسري في دمه وعروقه وكلما وجد فرصة للاستقرار في القلب فعل، واستدلوا بالحديث«فَإِنَّ الشَّيطان يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ».(1)
والبعض قال: ((حظُّه من الشَّيطانِ النطفةِ السّوداءِ العالقةِ بالقلب)).
وقيل: ((بل مجلسه خارج القلب يمد خُرطومه لقلب ابن آدم فإن وجد سبيلًا اقتحم ووسوس؛ وإلا خنس ورجع مكانه)).
قال الحافظُ ابنُ حَجَر: وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن سَرْجَس عِنْد مُسْلِم «أَنَّ خَاتَم النُّبُوَّةِ كَانَ بَيْن كَتِفَيْهِ عِنْد نَاغِض(2) كَتِفه الْيُسْرَى». (3)
قَالَ الْعُلَمَاءُ: ((السِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْقَلْب فِي تِلْكَ الْجِهَة، وَقَدْ وَرَدَ فِي خَبَرٍ مَقْطُوع: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَبّه أَنَّ يُرِيه مَوْضِع الشَّيطان, فَرَأَى الشَّيطان فِي صُورَة ضُفْدَع عِنْد نُغْض كَتِفه الْأَيْسَر حِذَاء قَلْبه لَهُ خُرْطُوم كَالْبَعُوضَة»)).
قَالَ السُّهَيْلِيُّ: ((وَضْعُ خَاتَم النُّبُوَّة عِنْد نُغْض كَتِفه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنْ وَسْوَسَة الشَّيطان، وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ يَدْخُلُ مِنْهُ الشَّيطان)).(4)
والشَّيطانُ لا يريد إسقاط عُضْوٍ من البدن إلا القلب، فإذا سقط القلب سقطت في العبد كلُّ جارحة، ولذلك يستعمل الشَّيطان جميع المنافذ للوصول إلى القلب أو القرب منه بشتى الصور والحيل، ويتربصُ بالعبد حال نومه ويقظته؛ في عبادته وغفلته حتى يصلَ إلى المراد، وقد صح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جملةُ أحاديث تبين حالَ الشَّيطان للوصول إلى العبد واختياره جميع السُّبل حتى يصلَ إلى بغيته، فهذه جمل من طرقه وحيله للوصول إلى القلب:
حيل الشيطان للوصول إلى العبد
1- عَلَقَةُ الْقَلْبِ:
وهذه العلقةُ قيل: هي موضع الغلِّ والحسدِ ومواطن الشر من العبد، وهي حظ الشَّيطان من قلب العبد، وقد مَنَّ الله على رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باستخراجها فلم يجعل للشيطان عليه سبيلا.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيطان مِنْكَ. ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لَأَمَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ -يَعْنِي ظِئْرَهُ، فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ(5)». قَالَ أَنَسٌ:«وَقَدْ كُنْتُ أَرْئِي أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ».(6)
2- فَتْحَتَي الْأَنْفِ:
وأضعفُ ما يكون العبد حال نومه, فيأتيه الشَّيطان عند خيشومه فيبيت, ولا يزال يؤذيه ويضره حتى يصبح.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إِذَا اسْتَيْقَظَ -أُرَاهُ- أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا, فَإِنَّ الشَّيطان يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ».(7)
3- حَالَ التَّثَاؤُبِ:
وعند تثائبِ العبدِ فإنَّ الشَّيطانَ حينما يراه على هذه الحالةِ النّكرةِ فيتمكنُ منه بالدخولِ إلى جَوفِه ولا يزالُ يضحكُ منه.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ كَانَ حَقًّا عَلَى كل مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الشَّيطان, فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَثَاءَبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيطان».(8)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيُبْغِضُ أَوْ يَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ, فَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمْ: هَا هَا فَإِنَّمَا ذَلِكَ الشَّيطان يَضْحَكُ مِنْ جَوْفِهِ».(9)
4- مَجْرَى الْدَّمِ:
عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ أم المؤمنين قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا, فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ, فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَا, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكُمَا(10) إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ. فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: إِنَّ الشَّيطان يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ, وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا سُوءًا أَوْ قَالَ شَيْئًا».(11)
5- عِنْدَ وَطْءِ الْزَّوْجَةِ:
وكذلك الشَّيطانُ يأتي العبد عند التعرِّي ومقارفة الأهلِ محاولا مشاركتَه وطء امرأته وولده.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«أَمَا لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَقُولُ حِينَ يَأْتِي أَهْلَهُ: "بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيطان وَجَنِّبْ الشَّيطان مَا رَزَقْتَنَا". ثُمَّ قُدِّرَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ أَوْ قُضِيَ وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا».(12)
6- حَالَ الوِلَادة:
وَمَنْ ذلك القُربُ وَالدّنِوُ حَالَ وِلادَةِ الولدِ ومحاولةُ طعنِهِ وإيذائِه.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيطان فِي جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ غَيْرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ(13)».(14)
7- حَالَ دُخُولِ الْبُيوتِ:
التطفلُ والتربّصُ لدخولِ البيتِ بأيّ طريقةٍ ووسيلةٍ لإيذاءِ أهلهِا في أولادِهم وطعامِهم وشرابِهم ونومِهم.
عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ, فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ, فَإِنَّ الشَّيطان لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا».(15)
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:«إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيطان: لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيطان: أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ. وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ».(16)
8- حَالَ الْجُلُوسِ عِنْدَ قَافِيَةِ الْعَبْدِ:
ففي حالِ نومِ العبدِ يظلُّ الشَّيطانُ عندَ رأسِ العبدِ يُمنِّيه ويَخْدَعهُ حتى يضيعَ عليه أجلَّ وأفضلَ لحظاتِ العبادةِ من الليلِ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«يَعْقِدُ الشَّيطان عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ(17) إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ؛ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ».(18 )
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:«ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقِيلَ: مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ مَا قَامَ إِلَى الصَّلاة فَقَالَ: بَالَ الشَّيطان فِي أُذُنِهِ».(19)
9- حَالَ النَّوْمِ:
التلاعب ببني أدم حال نومهم من إحداث رؤى وأحلام تزعجهم فلا يشعرون بهناءة نوم.
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنْ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيطان, فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ(20) عَنْ شِمَالِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ الشَّيطان, فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ, وَإِنَّ الشَّيطان لَا يَتَرَاءَى بِي».(21)
وعَنْ جَابِرٍ قَالَ:«جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَأْسِي قُطِعَ. قَالَ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «إِذَا لَعِبَ الشَّيطان بِأَحَدِكُمْ فِي مَنَامِهِ فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ النّاس».(22)
10- حَالَ الْصَّلَاةِ:
محاولةُ إفسادِ أجلَّ العباداتِ وأعظمَ الطاعاتِ وهي الصَّلاةُ والإصرارُ على ملامسةِ العبدِ والقربِ والدنوِ مِنْهُ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيطان وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاة أَدْبَرَ حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ(23) أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا اذْكُرْ كَذَا. لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى».(24)
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلاة فَقَالَ: هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيطان مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ».(25 )
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -t- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَ الشَّيطان فَلَبَسَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى, فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ».(26)
وَقَدْ حاول الشّيطانُ إيذاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقطع صلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكن مكن الله رسوله منه حتى همّ أن يربطه في المسجد.
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. ثُمَّ قَالَ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ -ثَلَاثًا- وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الصَّلاة, قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ فِي الصَّلاة شَيْئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَرَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ قَالَ: «إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ جَاءَ بِشِهَابٍ مِنْ نَارٍ لِيَجْعَلَهُ فِي وَجْهِي فَقُلْتُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قُلْتُ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ, وَاللَّهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ لَأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ».(27)
11- عَرْضُ الْهَوَاجِسِ:
عَرْضُ الْهَوَاجِسِ وإجراءُ الحواراتِ مَعَ الأنفسِ المريضةِ؛ حتى يُوقعَ العبدَ في الشِّرك بالله تعالى.
عَنْ أَبُي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«يَأْتِي الشَّيطان أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ, فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ».(28)
12- حَالَ الْغَضَبِ:
انتهازُ فُرَصِ العبدِ حَالَ غضبهِ فيسري في دمِهِ ويشعلُ فيه نارَ الحميةِ والعصبيةِ حتى يهلكَه.
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ:«أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَغَضِبَ أَحَدُهُمَا فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى انْتَفَخَ وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنِّي لَأَعْلَمُ كلمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ». فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيطان فَقَالَ: أَتُرَى بِي بَأْسٌ أَمَجْنُونٌ أَنَا اذْهَبْ».(29)
13- أَرْحَامُ النِّسَاء:
رَكْضُ أرحامِ النِّسَاء وفتقُ عروقِهن لسيلانِ الدمِ حتى يحرمَ الزوجَ من الاستمتاعِ بزوجِهِ, وقد يحرمه إنجابَ الولدِ.
عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتْ:«كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ فَقَالَ: «إِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ(30) مِنْ الشَّيطان».(31)
14- مَغْرَسُ الْضَّفَائِرِ عِنْدَ الْقَفَا:
تربُعه عَلَى رأسِ العبدِ حالَ ثني ضفائِر شعرِه والجلوسِ بينها ليكونَ أقربَ إلى الوسوسةِ في الصَّلاةِ.
عَنْ أَبِي رَافِعٍ:«أَنَّهُ مَرَّ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ يُصَلِّي وَقَدْ عَقَصَ ضَفِرَتَهُ فِي قَفَاهُ فَحَلَّهَا فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ مُغْضَبًا فَقَالَ: أَقْبِلْ عَلَى صَلَاتِكَ وَلَا تَغْضَبْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ذَلِكَ كِفْلُ الشَّيطان».(32)
15-عِنْدَ عَثْرَةِ اللِّسَانِ:
وذلك بإتيانِ الإنسانِ حَالَ عجلتِه وتفريطِه فيعظمُ عليه المصابُ وربما يوصلُه إلى اليأسِ والقنوطِ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا, وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ, فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيطان».(33)
فبهذا يتبينُ أن الشَّيطانَ هدفُه وغايتُه أَنْ يَصِلَ إِلَى الْقَلْبِ بأي طريقةٍ أو وسيلةٍ حتى يسقطَ العبدَ ويرديه في لججِ الهلكةِ......... ((من كتاب "القلوب آفاتها" لفضيلة الشيخ)).
(1) سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى.
(2) والنَّاغِضُ الغُضْرُوفُ. قاله: ابن سيده, ونُغْضُ الكَتِف حيث تذهَب وتجيء. وقيل: هو أَعلى مُنْقَطَع غُضْرُوفِ الكَتِف. وقيل: النُّغْضانِ اللّذان يَنْغُضان من أَصل الكتف فيتحَرَّكانِ إِذا مشَى... نُغْضُ الكتِف هو العظم الرقيق على طَرَفها. «لسان العرب» باب: "نغض".
(3) رَوَاهُ مُسْلِمٌ(2346).
(4) «فتح الباري»(6/563).
(5) مُنْتَقِعاً لونُه: أي مُتَغَيِّرا . يقال : انْتُقِع لونُه وامْتُقِع إذا تَغَيَّر من خَوْفٍ أو ألَمٍ ونحو ذلك. "النهاية"(5/227).
(6) رَوَاهُ مُسْلِمٌ(162).
(7) رَوَاهُ البُخَارِيّ(3295).
(8) رَوَاهُ البُخَارِيّ (6226).
(9) حسن: رَوَاهُ الترمذي(2746) وقال: هذا حديث حسن صحيح، أَحْمَدُ(2/265)، ابن خزيمة(921)، ابن حبان(2358).
(10) على رِسْلكما: أي اثبتُا ولا تعجلا. "النهاية"(2/539).
(11) رَوَاهُ البُخَارِيّ(3281).
(12) رَوَاهُ البُخَارِيّ(5165).
(13) في الحجاب: هو الجلدة التي فيها الجنين, وتسمى المشيمة. قاله ابن الجوزي, وقيل: الحجاب الثوب الذي يلف فيه المولود, وفيه فضيلة ظاهرة لعيسى وأمه عليهما السلام, وأراد الشيطان التمكن من أمه فمنعه الله منها ببركة أمها حنة بنت فاقوذ بن ماثان حيث قالت: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾[أل عمران: 36] «عمدة القاري»(15/176).
(14) رَوَاهُ البُخَارِيّ(3286).
(15) رَوَاهُ البُخَارِيّ(3304).
(16) رَوَاهُ مُسْلِمٌ(2018).
(17) القافِية: القَفَا. وقيل: قافية الرأس: مُؤَخَّره. وقيل: وسَطه أراد تَثْقيله في النَّوم وإطالته, فكأنه قد شَد عليه شِداداً وعَقَده ثلاث عُقَد. «النهاية»(4/147).
(18) رَوَاهُ البُخَارِيّ(1142).
(19) رَوَاهُ البُخَارِيّ(1144).
(20) النَّفْث بالفَم وهو شَبيه بالنَّفْخ, وهو أقَلُّ من التَّفْل, لأن التَّفْل لا يكون إلاّ ومعه شيءٌ من الرِّيق. «النهاية»(5/197).
(21) رَوَاهُ البُخَارِيّ(6995).
(22) رَوَاهُ مُسْلِمٌ(2268).
(23) التَّثْوِيب: إقامة الصلاة. والأصل في التَّثْويب : أن يجيء الرجُل مُسْتَصْرِخاً فيُلَوِّح بثوبه لِيُرَى ويَشْتَهرَ فسُمِّي الدعاء تَثْوِيبا لذلك. وكلُّ داعٍ مُثَوّبٌ. وقيل: إنما سُمّي تَثْويبا من ثاب يَثُوب إذا رجع, فهو رُجُوع إلى الأمر بالمُبادرة إلى الصلاة, وأنّ المؤذن إذا قال حيَّ على الصلاة فقد دعاهم إليها, وإذا قال بعدها: الصلاة خير من النَّوم. فقد رَجَع إلى كلامٍ معناه المبادرة إليها. «النهاية»(1/652).
(24) رَوَاهُ البُخَارِيّ (608).
(25) رَوَاهُ البُخَارِيّ(751).
(26) رَوَاهُ البُخَارِيّ (1232).
(27) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (542).
(28) رَوَاهُ البُخَارِيّ(3276).
(29) رَوَاهُ البُخَارِيّ(6048).
(30) أصْلُ الرَّكْضِ: الضَّربُ بالرجْل والإصابة بها, كما تُرْكَض الدَّابة وتُصَاب بالرّجْل أراد الأضْرارَ بها والأذَى. والمعنى: أن الشيطان قد وَجَد بذلك طريقا إلى التَّلْبيس عليها في أمر دِينها وطُهْرها وصلاتها حتى أنْساها ذلك عادتَها وصار في التقدير, كأنه رَكْضة بآلة من رَكضاته. «النهاية»(2/628).
(31) حسن: رَوَاهُ الترمذي(128)، أَحْمَدُ(6/464).
(32) حسن: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ(646)، الترمذي (384) وقال: حديث أبي رافع حديث حسن.
(33) رَوَاهُ مُسْلِمٌ(2664).
القلبُ موضعُ الإيمانِ ومنه يشعّ نوره على الجوارح، وعلى قدر هذا الإيمان يكون الأثر على الجوارح, ولذلك نرى أن الشَّيطان يختار أقرب المواقع من القلب ليُحكم كيده، ويتمكن من الوصول لغايته من الوسوسة والتأثير على القلب.
والشَّيطانُ أشدُّ أعداء بني آدم وأخطرها على الإطلاق، فهو قائد المعارك جميعًا ضد القلب، وهو قد اختار أشرف بقعة وأعظمَ مكانٍ ليستقر فيه وهو القلب ليفسد على ابن آدم دينه ودنياه، ولذلك كان الشيطان أعظم إفسادًا للقلب وضررا، فلايزال يضعفه ويؤذيه حتى يدخل عليه ما يعطل به جوارحه جارحة جارحة من الآفات المهلكة للقلب.
وقد اختلف العلماءُ في المكان الذي يقعد فيه الشَّيطان من القلب، فقيل هو يسري في دمه وعروقه وكلما وجد فرصة للاستقرار في القلب فعل، واستدلوا بالحديث«فَإِنَّ الشَّيطان يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ».(1)
والبعض قال: ((حظُّه من الشَّيطانِ النطفةِ السّوداءِ العالقةِ بالقلب)).
وقيل: ((بل مجلسه خارج القلب يمد خُرطومه لقلب ابن آدم فإن وجد سبيلًا اقتحم ووسوس؛ وإلا خنس ورجع مكانه)).
قال الحافظُ ابنُ حَجَر: وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن سَرْجَس عِنْد مُسْلِم «أَنَّ خَاتَم النُّبُوَّةِ كَانَ بَيْن كَتِفَيْهِ عِنْد نَاغِض(2) كَتِفه الْيُسْرَى». (3)
قَالَ الْعُلَمَاءُ: ((السِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْقَلْب فِي تِلْكَ الْجِهَة، وَقَدْ وَرَدَ فِي خَبَرٍ مَقْطُوع: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَبّه أَنَّ يُرِيه مَوْضِع الشَّيطان, فَرَأَى الشَّيطان فِي صُورَة ضُفْدَع عِنْد نُغْض كَتِفه الْأَيْسَر حِذَاء قَلْبه لَهُ خُرْطُوم كَالْبَعُوضَة»)).
قَالَ السُّهَيْلِيُّ: ((وَضْعُ خَاتَم النُّبُوَّة عِنْد نُغْض كَتِفه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنْ وَسْوَسَة الشَّيطان، وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ يَدْخُلُ مِنْهُ الشَّيطان)).(4)
والشَّيطانُ لا يريد إسقاط عُضْوٍ من البدن إلا القلب، فإذا سقط القلب سقطت في العبد كلُّ جارحة، ولذلك يستعمل الشَّيطان جميع المنافذ للوصول إلى القلب أو القرب منه بشتى الصور والحيل، ويتربصُ بالعبد حال نومه ويقظته؛ في عبادته وغفلته حتى يصلَ إلى المراد، وقد صح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جملةُ أحاديث تبين حالَ الشَّيطان للوصول إلى العبد واختياره جميع السُّبل حتى يصلَ إلى بغيته، فهذه جمل من طرقه وحيله للوصول إلى القلب:
حيل الشيطان للوصول إلى العبد
1- عَلَقَةُ الْقَلْبِ:
وهذه العلقةُ قيل: هي موضع الغلِّ والحسدِ ومواطن الشر من العبد، وهي حظ الشَّيطان من قلب العبد، وقد مَنَّ الله على رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باستخراجها فلم يجعل للشيطان عليه سبيلا.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيطان مِنْكَ. ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لَأَمَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ -يَعْنِي ظِئْرَهُ، فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ(5)». قَالَ أَنَسٌ:«وَقَدْ كُنْتُ أَرْئِي أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ».(6)
2- فَتْحَتَي الْأَنْفِ:
وأضعفُ ما يكون العبد حال نومه, فيأتيه الشَّيطان عند خيشومه فيبيت, ولا يزال يؤذيه ويضره حتى يصبح.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إِذَا اسْتَيْقَظَ -أُرَاهُ- أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا, فَإِنَّ الشَّيطان يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ».(7)
3- حَالَ التَّثَاؤُبِ:
وعند تثائبِ العبدِ فإنَّ الشَّيطانَ حينما يراه على هذه الحالةِ النّكرةِ فيتمكنُ منه بالدخولِ إلى جَوفِه ولا يزالُ يضحكُ منه.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ كَانَ حَقًّا عَلَى كل مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الشَّيطان, فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَثَاءَبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيطان».(8)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيُبْغِضُ أَوْ يَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ, فَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمْ: هَا هَا فَإِنَّمَا ذَلِكَ الشَّيطان يَضْحَكُ مِنْ جَوْفِهِ».(9)
4- مَجْرَى الْدَّمِ:
عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ أم المؤمنين قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا, فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ, فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَا, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكُمَا(10) إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ. فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: إِنَّ الشَّيطان يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ, وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا سُوءًا أَوْ قَالَ شَيْئًا».(11)
5- عِنْدَ وَطْءِ الْزَّوْجَةِ:
وكذلك الشَّيطانُ يأتي العبد عند التعرِّي ومقارفة الأهلِ محاولا مشاركتَه وطء امرأته وولده.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«أَمَا لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَقُولُ حِينَ يَأْتِي أَهْلَهُ: "بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيطان وَجَنِّبْ الشَّيطان مَا رَزَقْتَنَا". ثُمَّ قُدِّرَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ أَوْ قُضِيَ وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا».(12)
6- حَالَ الوِلَادة:
وَمَنْ ذلك القُربُ وَالدّنِوُ حَالَ وِلادَةِ الولدِ ومحاولةُ طعنِهِ وإيذائِه.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيطان فِي جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ غَيْرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ(13)».(14)
7- حَالَ دُخُولِ الْبُيوتِ:
التطفلُ والتربّصُ لدخولِ البيتِ بأيّ طريقةٍ ووسيلةٍ لإيذاءِ أهلهِا في أولادِهم وطعامِهم وشرابِهم ونومِهم.
عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ, فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ, فَإِنَّ الشَّيطان لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا».(15)
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:«إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيطان: لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيطان: أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ. وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ».(16)
8- حَالَ الْجُلُوسِ عِنْدَ قَافِيَةِ الْعَبْدِ:
ففي حالِ نومِ العبدِ يظلُّ الشَّيطانُ عندَ رأسِ العبدِ يُمنِّيه ويَخْدَعهُ حتى يضيعَ عليه أجلَّ وأفضلَ لحظاتِ العبادةِ من الليلِ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«يَعْقِدُ الشَّيطان عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ(17) إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ؛ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ».(18 )
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:«ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقِيلَ: مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ مَا قَامَ إِلَى الصَّلاة فَقَالَ: بَالَ الشَّيطان فِي أُذُنِهِ».(19)
9- حَالَ النَّوْمِ:
التلاعب ببني أدم حال نومهم من إحداث رؤى وأحلام تزعجهم فلا يشعرون بهناءة نوم.
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنْ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيطان, فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ(20) عَنْ شِمَالِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ الشَّيطان, فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ, وَإِنَّ الشَّيطان لَا يَتَرَاءَى بِي».(21)
وعَنْ جَابِرٍ قَالَ:«جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَأْسِي قُطِعَ. قَالَ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «إِذَا لَعِبَ الشَّيطان بِأَحَدِكُمْ فِي مَنَامِهِ فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ النّاس».(22)
10- حَالَ الْصَّلَاةِ:
محاولةُ إفسادِ أجلَّ العباداتِ وأعظمَ الطاعاتِ وهي الصَّلاةُ والإصرارُ على ملامسةِ العبدِ والقربِ والدنوِ مِنْهُ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيطان وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاة أَدْبَرَ حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ(23) أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا اذْكُرْ كَذَا. لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى».(24)
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلاة فَقَالَ: هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيطان مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ».(25 )
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -t- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَ الشَّيطان فَلَبَسَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى, فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ».(26)
وَقَدْ حاول الشّيطانُ إيذاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقطع صلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكن مكن الله رسوله منه حتى همّ أن يربطه في المسجد.
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. ثُمَّ قَالَ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ -ثَلَاثًا- وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الصَّلاة, قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ فِي الصَّلاة شَيْئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَرَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ قَالَ: «إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ جَاءَ بِشِهَابٍ مِنْ نَارٍ لِيَجْعَلَهُ فِي وَجْهِي فَقُلْتُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قُلْتُ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ, وَاللَّهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ لَأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ».(27)
11- عَرْضُ الْهَوَاجِسِ:
عَرْضُ الْهَوَاجِسِ وإجراءُ الحواراتِ مَعَ الأنفسِ المريضةِ؛ حتى يُوقعَ العبدَ في الشِّرك بالله تعالى.
عَنْ أَبُي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«يَأْتِي الشَّيطان أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ, فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ».(28)
12- حَالَ الْغَضَبِ:
انتهازُ فُرَصِ العبدِ حَالَ غضبهِ فيسري في دمِهِ ويشعلُ فيه نارَ الحميةِ والعصبيةِ حتى يهلكَه.
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ:«أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَغَضِبَ أَحَدُهُمَا فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى انْتَفَخَ وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنِّي لَأَعْلَمُ كلمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ». فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيطان فَقَالَ: أَتُرَى بِي بَأْسٌ أَمَجْنُونٌ أَنَا اذْهَبْ».(29)
13- أَرْحَامُ النِّسَاء:
رَكْضُ أرحامِ النِّسَاء وفتقُ عروقِهن لسيلانِ الدمِ حتى يحرمَ الزوجَ من الاستمتاعِ بزوجِهِ, وقد يحرمه إنجابَ الولدِ.
عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتْ:«كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ فَقَالَ: «إِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ(30) مِنْ الشَّيطان».(31)
14- مَغْرَسُ الْضَّفَائِرِ عِنْدَ الْقَفَا:
تربُعه عَلَى رأسِ العبدِ حالَ ثني ضفائِر شعرِه والجلوسِ بينها ليكونَ أقربَ إلى الوسوسةِ في الصَّلاةِ.
عَنْ أَبِي رَافِعٍ:«أَنَّهُ مَرَّ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ يُصَلِّي وَقَدْ عَقَصَ ضَفِرَتَهُ فِي قَفَاهُ فَحَلَّهَا فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ مُغْضَبًا فَقَالَ: أَقْبِلْ عَلَى صَلَاتِكَ وَلَا تَغْضَبْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ذَلِكَ كِفْلُ الشَّيطان».(32)
15-عِنْدَ عَثْرَةِ اللِّسَانِ:
وذلك بإتيانِ الإنسانِ حَالَ عجلتِه وتفريطِه فيعظمُ عليه المصابُ وربما يوصلُه إلى اليأسِ والقنوطِ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا, وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ, فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيطان».(33)
فبهذا يتبينُ أن الشَّيطانَ هدفُه وغايتُه أَنْ يَصِلَ إِلَى الْقَلْبِ بأي طريقةٍ أو وسيلةٍ حتى يسقطَ العبدَ ويرديه في لججِ الهلكةِ......... ((من كتاب "القلوب آفاتها" لفضيلة الشيخ)).
(1) سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى.
(2) والنَّاغِضُ الغُضْرُوفُ. قاله: ابن سيده, ونُغْضُ الكَتِف حيث تذهَب وتجيء. وقيل: هو أَعلى مُنْقَطَع غُضْرُوفِ الكَتِف. وقيل: النُّغْضانِ اللّذان يَنْغُضان من أَصل الكتف فيتحَرَّكانِ إِذا مشَى... نُغْضُ الكتِف هو العظم الرقيق على طَرَفها. «لسان العرب» باب: "نغض".
(3) رَوَاهُ مُسْلِمٌ(2346).
(4) «فتح الباري»(6/563).
(5) مُنْتَقِعاً لونُه: أي مُتَغَيِّرا . يقال : انْتُقِع لونُه وامْتُقِع إذا تَغَيَّر من خَوْفٍ أو ألَمٍ ونحو ذلك. "النهاية"(5/227).
(6) رَوَاهُ مُسْلِمٌ(162).
(7) رَوَاهُ البُخَارِيّ(3295).
(8) رَوَاهُ البُخَارِيّ (6226).
(9) حسن: رَوَاهُ الترمذي(2746) وقال: هذا حديث حسن صحيح، أَحْمَدُ(2/265)، ابن خزيمة(921)، ابن حبان(2358).
(10) على رِسْلكما: أي اثبتُا ولا تعجلا. "النهاية"(2/539).
(11) رَوَاهُ البُخَارِيّ(3281).
(12) رَوَاهُ البُخَارِيّ(5165).
(13) في الحجاب: هو الجلدة التي فيها الجنين, وتسمى المشيمة. قاله ابن الجوزي, وقيل: الحجاب الثوب الذي يلف فيه المولود, وفيه فضيلة ظاهرة لعيسى وأمه عليهما السلام, وأراد الشيطان التمكن من أمه فمنعه الله منها ببركة أمها حنة بنت فاقوذ بن ماثان حيث قالت: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾[أل عمران: 36] «عمدة القاري»(15/176).
(14) رَوَاهُ البُخَارِيّ(3286).
(15) رَوَاهُ البُخَارِيّ(3304).
(16) رَوَاهُ مُسْلِمٌ(2018).
(17) القافِية: القَفَا. وقيل: قافية الرأس: مُؤَخَّره. وقيل: وسَطه أراد تَثْقيله في النَّوم وإطالته, فكأنه قد شَد عليه شِداداً وعَقَده ثلاث عُقَد. «النهاية»(4/147).
(18) رَوَاهُ البُخَارِيّ(1142).
(19) رَوَاهُ البُخَارِيّ(1144).
(20) النَّفْث بالفَم وهو شَبيه بالنَّفْخ, وهو أقَلُّ من التَّفْل, لأن التَّفْل لا يكون إلاّ ومعه شيءٌ من الرِّيق. «النهاية»(5/197).
(21) رَوَاهُ البُخَارِيّ(6995).
(22) رَوَاهُ مُسْلِمٌ(2268).
(23) التَّثْوِيب: إقامة الصلاة. والأصل في التَّثْويب : أن يجيء الرجُل مُسْتَصْرِخاً فيُلَوِّح بثوبه لِيُرَى ويَشْتَهرَ فسُمِّي الدعاء تَثْوِيبا لذلك. وكلُّ داعٍ مُثَوّبٌ. وقيل: إنما سُمّي تَثْويبا من ثاب يَثُوب إذا رجع, فهو رُجُوع إلى الأمر بالمُبادرة إلى الصلاة, وأنّ المؤذن إذا قال حيَّ على الصلاة فقد دعاهم إليها, وإذا قال بعدها: الصلاة خير من النَّوم. فقد رَجَع إلى كلامٍ معناه المبادرة إليها. «النهاية»(1/652).
(24) رَوَاهُ البُخَارِيّ (608).
(25) رَوَاهُ البُخَارِيّ(751).
(26) رَوَاهُ البُخَارِيّ (1232).
(27) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (542).
(28) رَوَاهُ البُخَارِيّ(3276).
(29) رَوَاهُ البُخَارِيّ(6048).
(30) أصْلُ الرَّكْضِ: الضَّربُ بالرجْل والإصابة بها, كما تُرْكَض الدَّابة وتُصَاب بالرّجْل أراد الأضْرارَ بها والأذَى. والمعنى: أن الشيطان قد وَجَد بذلك طريقا إلى التَّلْبيس عليها في أمر دِينها وطُهْرها وصلاتها حتى أنْساها ذلك عادتَها وصار في التقدير, كأنه رَكْضة بآلة من رَكضاته. «النهاية»(2/628).
(31) حسن: رَوَاهُ الترمذي(128)، أَحْمَدُ(6/464).
(32) حسن: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ(646)، الترمذي (384) وقال: حديث أبي رافع حديث حسن.
(33) رَوَاهُ مُسْلِمٌ(2664).
- كورابيكا
عدد المساهمات : 99
نقاط : 97
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 19/07/2011
رد: الشيطان وقلب ابن آدم
الثلاثاء 19 يوليو 2011, 10:21 am
مشكور على الموضوع جزائك الله كل خيراً
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى