- حارس السراب
عدد المساهمات : 123
نقاط : 179
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 14/05/2013
هل سيجد الناس لك معروفاً ؟ الجزء الاول
السبت 08 يونيو 2013, 7:06 am
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد أكد العلماء والخبراء والمربون والأطباء النفسانيون أن من أسباب سعادة
المرء وسمو منزلته بين الناس وحصوله على الراحة النفسية في هذه الدنيا هو
بذل المعروف وتقديم النفع للآخرين من حوله ولا شك أن هذا خلق من أخلاق
العظماء وهو من قيم الإسلام العظيمة و به تخلق الأنبياء والصالحون وتسابق
للقيام به أصحاب المروءة .. فالمسلم لا يعيش لنفسه وحسب بل لابد أن يتعدى
نفعه وخيره للآخرين ورتب الله على ذلك الجزاء العظيم في الدنيا والآخرة
وجعل أسعد الناس وأحبهم إليه أكثرهم نفعا لمن حوله قال تعالى:- {
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا
إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء
الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} (الأنبياء/73) وقال تعالى:- { يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ
وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الحج:77).. وقال تعالى {
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ
مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة:148).. وقال تعالى:-- { فَاسْتَبِقُوا
الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا
كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (المائدة: الآية48). وقال صلى الله عليه
وسلم: ( كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين
أثنين صدقة ، تعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع عليها متاعه صدقة
، والكلمة الطيبة صدقة وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة ، وتميط الأذى عن
الطريق صدقة ) (متفق عليه).
إن الناس معادن كل واحد منهم يحمل بين جوانحه قيم وأخلاق تعبر عن شخصيته
وإن منهم مفاتح للخير ومغاليق للشر عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ((إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس
مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه،
وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه (حسنه الألباني السلسلة الصحيحة
1322)
إن مشاغل الحياة ومشاكلها وظروفها وأحوالها تقتضي أن يتعاون الناس مع
بعضهم وأن ينفع بعضهم بعضاً وأن يبذل المعروف من يقدر عليه دون أن يطلب
أحد منه ذلك ولا ينتظر من الآخرين أن يكافئوه أو يشكروه فالإنسان العظيم
لا ينتظر جزاءه ممن حوله بل غايته أسمى وهدفه أكبر من ذلك ويكفيه ثواب
الله ورضــاه .. هذا موسى عليه السلام في أرض لا يعرف فيها أحد وهو خائف
ومطارد من فرعون وجنوده و مع ذلك لم يتأنى وهو يرى امرأتين ضعيفتين لا
تسقيان بسبب الزحام وكثرة الرجال فبادر إلى بذل المعروف و تقديم النفع
فسقى لهما قال تعالى ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ
أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ
تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ
الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى
إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ
فَقِيرٌ}( القصص21) سقا لهما ثم تولى إلى الظل ليشكر الله على ما حباه من
النعم وهيئ له الأسباب لنفع الآخرين .. وكم دعا صلى الله عليه وسلم هذه
الأمة إلى بذل المعروف وتقديم النفع للآخرين وكم حثهم على ذلك ورغبهم في
هذا العمل بل وتمثل هذا الخلق وهذا السلوك واقعاً عملياً في الحياة فنفع
الله به الصغير والكبير والرجل والمراة والمسلم والكافر والطير والحيوان
وكان مما قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو أمامة ((صنائع المعروف
تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب)) ( رواه الطبراني في معجمه
الكبير /8014، وقال الهيثمي: إسناده حسن 3/115) .. بل جعل سبحانه وتعالى
الأمر بالمعروف من العلامات التي يعرف أهل الكتاب بها النبي صلى الله عليه
وسلم فقال عز وجل: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ
الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} الآية [الأعراف: 157]. ثم
أمر المسلمين بما أمر به نبيهم عليه الصلاة والسلام فقال: {وَلْتَكُنْ
مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل
عمران: 104].
في أحد المستشفيات شاءت أقدار الله
أن يجتمع مريضان في غرفة واحدة كان بهما أمراض متعددة منعتهم عن الحركة
فكل واحد على سريرة لا يستطيع أحدهما أن ينظر إلى صاحبه بجانبه وكانت لغة
التواصل بينهما هي الكلام فقط .. كان أحدهما بجانب النافذة ومسموحاً له
بالجلوس في سريره لمدة ساعة يوميا بعد العصر ، أما الآخر فكان عليه أن
يبقى مستلقياً على ظهره طوال الوقت .. كان هذا المريض الذي سمح له بالجلوس
على النافذة ساعة كل يوم يستغل هذا الوقت لينقل لصاحبه ما يدور في هذا
العالم وكان الآخر ينتظر هذه الساعة كما ينتظرها الأول ، لأنها تجعل حياته
مفعمة بالحيوية وهو يستمع لوصف صاحبه للحياة في الخارج .. فيوم من الأيام
يصف الشارع ويوماً يصف حركة الناس ويوماً يصف حالة الجو ويوماً يصف
الأطفال والمناظر الجميلة والحدائق الغناء وهكذا كل يوم ... وكان المريض
الآخر يشعر بالسعادة والراحة .. ومرت الأيام والأسابيع وكل منهما سعيد
بصاحبه ، وفي أحد الأيام جاءت الممرضة صباحاً لخدمتهما كعادتها ، فوجدت
المريض الذي بجانب النافذة قد قضى نحبه خلال الليل وفارق الحياة ، ولم
يعلم الآخر بوفاته إلا من خلال حديث الممرضة عبر الهاتف وهي تطلب المساعدة
لإخراجه من الغرفة ، فحزن على صاحبه أشد الحزن .
وعندما وجد الفرصة مناسبة طلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب النافذة ،
ولما لم يكن هناك مانع فقد أجابت طلبه. ولما حانت ساعة بعد العصر وتذكر
الحديث الشيق الذي كان يتحفه به صاحبه بكى لفقده ، ولكنه قرر أن يحاول
الجلوس ليعوض ما فاته في هذه الساعة ، وتحامل على نفسه وهو يتألم ، ورفع
رأسه رويداً رويداً مستعيناً بذراعيه ، ثم اتكأ على أحد مرفقيه وأدار وجهه
ببطء شديد تجاه النافذة لينظر إلى العالم الخارجي ، وهنا كانت
المفاجأة!!. لم ير أمامه إلا جداراً أصم من جدران المستشفى ، فقد كانت
النافذة على ساحة داخلية سأل الممرضة هل كانت هذه النافذة التي كان يجلس
لينظر منها صاحبي قالت نعم قال: لكنه كان يصف لي كل شيء جميل في هذه
الحياة وحكى لها ما كان يدور بينهما وهنا كان تعجب الممرضة أكبر فقالت له
ولكن المتوفى كان أعمى ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم ..!!! ولعله أراد
أن يجعل حياتك سعيدة حتى لا تُصاب باليأس فتتمنى الموت . أي عظمة هذه ؟ و
أي مروءة ؟ إنه لم يبخل على صاحبه حتى بالشعور والأحاسيس وبذل من أجله
المعروف وساعده ونفعه بأقصى ما يستطيع .. فلماذا لا يقوم كل واحدٍ منا
بواجبه تجاه الآخرين من حوله حتى يكون من أهل المعروف الذين تفتح لهم
أبواب السماء ويتجاوز عنهم الرب جل جلاله في يوم لا ينفع فيه إلا أعمالاً
تبيض الوجوه وترفع الدرجات عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ((تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم فقالوا: أعملت من الخير
شيئاً؟ قال: لا. قالوا: تذكر ،قال: كنت أداين الناس فآمر فتياني أن ينظروا
المعسر ويتجوزوا عن الموسر، قال: قال الله: عز وجل تجوزوا عنه)) وفي
رواية عند مسلم ((فقال الله أنا أحق بذا منك تجاوزوا عن عبدي )) (مسلم
/1560).. إن سعادتك وراحتك تكمن في أن تدخل السرور على قلوب الآخرين ،
وترسم البسمة على وجوههم ، وتشعر بالارتياح عند تقديم العون لهم وتستمتع
باللذة عند الإحسان إليهم .. قال عبدان بن عثمان الأزدي: "ما سألني أحدٌ
حاجة إلا قمت له بنفسي، فإن تم وإلا قمتُ له بمالي، فإن تمَّ وإلا استعنت
بالإخوان، فإن تم وإلا استعنت بالسلطان".
لقد أكد العلماء والخبراء والمربون والأطباء النفسانيون أن من أسباب سعادة
المرء وسمو منزلته بين الناس وحصوله على الراحة النفسية في هذه الدنيا هو
بذل المعروف وتقديم النفع للآخرين من حوله ولا شك أن هذا خلق من أخلاق
العظماء وهو من قيم الإسلام العظيمة و به تخلق الأنبياء والصالحون وتسابق
للقيام به أصحاب المروءة .. فالمسلم لا يعيش لنفسه وحسب بل لابد أن يتعدى
نفعه وخيره للآخرين ورتب الله على ذلك الجزاء العظيم في الدنيا والآخرة
وجعل أسعد الناس وأحبهم إليه أكثرهم نفعا لمن حوله قال تعالى:- {
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا
إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء
الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} (الأنبياء/73) وقال تعالى:- { يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ
وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الحج:77).. وقال تعالى {
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ
مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة:148).. وقال تعالى:-- { فَاسْتَبِقُوا
الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا
كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (المائدة: الآية48). وقال صلى الله عليه
وسلم: ( كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين
أثنين صدقة ، تعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع عليها متاعه صدقة
، والكلمة الطيبة صدقة وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة ، وتميط الأذى عن
الطريق صدقة ) (متفق عليه).
إن الناس معادن كل واحد منهم يحمل بين جوانحه قيم وأخلاق تعبر عن شخصيته
وإن منهم مفاتح للخير ومغاليق للشر عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ((إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس
مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه،
وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه (حسنه الألباني السلسلة الصحيحة
1322)
إن مشاغل الحياة ومشاكلها وظروفها وأحوالها تقتضي أن يتعاون الناس مع
بعضهم وأن ينفع بعضهم بعضاً وأن يبذل المعروف من يقدر عليه دون أن يطلب
أحد منه ذلك ولا ينتظر من الآخرين أن يكافئوه أو يشكروه فالإنسان العظيم
لا ينتظر جزاءه ممن حوله بل غايته أسمى وهدفه أكبر من ذلك ويكفيه ثواب
الله ورضــاه .. هذا موسى عليه السلام في أرض لا يعرف فيها أحد وهو خائف
ومطارد من فرعون وجنوده و مع ذلك لم يتأنى وهو يرى امرأتين ضعيفتين لا
تسقيان بسبب الزحام وكثرة الرجال فبادر إلى بذل المعروف و تقديم النفع
فسقى لهما قال تعالى ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ
أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ
تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ
الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى
إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ
فَقِيرٌ}( القصص21) سقا لهما ثم تولى إلى الظل ليشكر الله على ما حباه من
النعم وهيئ له الأسباب لنفع الآخرين .. وكم دعا صلى الله عليه وسلم هذه
الأمة إلى بذل المعروف وتقديم النفع للآخرين وكم حثهم على ذلك ورغبهم في
هذا العمل بل وتمثل هذا الخلق وهذا السلوك واقعاً عملياً في الحياة فنفع
الله به الصغير والكبير والرجل والمراة والمسلم والكافر والطير والحيوان
وكان مما قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو أمامة ((صنائع المعروف
تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب)) ( رواه الطبراني في معجمه
الكبير /8014، وقال الهيثمي: إسناده حسن 3/115) .. بل جعل سبحانه وتعالى
الأمر بالمعروف من العلامات التي يعرف أهل الكتاب بها النبي صلى الله عليه
وسلم فقال عز وجل: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ
الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} الآية [الأعراف: 157]. ثم
أمر المسلمين بما أمر به نبيهم عليه الصلاة والسلام فقال: {وَلْتَكُنْ
مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل
عمران: 104].
في أحد المستشفيات شاءت أقدار الله
أن يجتمع مريضان في غرفة واحدة كان بهما أمراض متعددة منعتهم عن الحركة
فكل واحد على سريرة لا يستطيع أحدهما أن ينظر إلى صاحبه بجانبه وكانت لغة
التواصل بينهما هي الكلام فقط .. كان أحدهما بجانب النافذة ومسموحاً له
بالجلوس في سريره لمدة ساعة يوميا بعد العصر ، أما الآخر فكان عليه أن
يبقى مستلقياً على ظهره طوال الوقت .. كان هذا المريض الذي سمح له بالجلوس
على النافذة ساعة كل يوم يستغل هذا الوقت لينقل لصاحبه ما يدور في هذا
العالم وكان الآخر ينتظر هذه الساعة كما ينتظرها الأول ، لأنها تجعل حياته
مفعمة بالحيوية وهو يستمع لوصف صاحبه للحياة في الخارج .. فيوم من الأيام
يصف الشارع ويوماً يصف حركة الناس ويوماً يصف حالة الجو ويوماً يصف
الأطفال والمناظر الجميلة والحدائق الغناء وهكذا كل يوم ... وكان المريض
الآخر يشعر بالسعادة والراحة .. ومرت الأيام والأسابيع وكل منهما سعيد
بصاحبه ، وفي أحد الأيام جاءت الممرضة صباحاً لخدمتهما كعادتها ، فوجدت
المريض الذي بجانب النافذة قد قضى نحبه خلال الليل وفارق الحياة ، ولم
يعلم الآخر بوفاته إلا من خلال حديث الممرضة عبر الهاتف وهي تطلب المساعدة
لإخراجه من الغرفة ، فحزن على صاحبه أشد الحزن .
وعندما وجد الفرصة مناسبة طلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب النافذة ،
ولما لم يكن هناك مانع فقد أجابت طلبه. ولما حانت ساعة بعد العصر وتذكر
الحديث الشيق الذي كان يتحفه به صاحبه بكى لفقده ، ولكنه قرر أن يحاول
الجلوس ليعوض ما فاته في هذه الساعة ، وتحامل على نفسه وهو يتألم ، ورفع
رأسه رويداً رويداً مستعيناً بذراعيه ، ثم اتكأ على أحد مرفقيه وأدار وجهه
ببطء شديد تجاه النافذة لينظر إلى العالم الخارجي ، وهنا كانت
المفاجأة!!. لم ير أمامه إلا جداراً أصم من جدران المستشفى ، فقد كانت
النافذة على ساحة داخلية سأل الممرضة هل كانت هذه النافذة التي كان يجلس
لينظر منها صاحبي قالت نعم قال: لكنه كان يصف لي كل شيء جميل في هذه
الحياة وحكى لها ما كان يدور بينهما وهنا كان تعجب الممرضة أكبر فقالت له
ولكن المتوفى كان أعمى ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم ..!!! ولعله أراد
أن يجعل حياتك سعيدة حتى لا تُصاب باليأس فتتمنى الموت . أي عظمة هذه ؟ و
أي مروءة ؟ إنه لم يبخل على صاحبه حتى بالشعور والأحاسيس وبذل من أجله
المعروف وساعده ونفعه بأقصى ما يستطيع .. فلماذا لا يقوم كل واحدٍ منا
بواجبه تجاه الآخرين من حوله حتى يكون من أهل المعروف الذين تفتح لهم
أبواب السماء ويتجاوز عنهم الرب جل جلاله في يوم لا ينفع فيه إلا أعمالاً
تبيض الوجوه وترفع الدرجات عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ((تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم فقالوا: أعملت من الخير
شيئاً؟ قال: لا. قالوا: تذكر ،قال: كنت أداين الناس فآمر فتياني أن ينظروا
المعسر ويتجوزوا عن الموسر، قال: قال الله: عز وجل تجوزوا عنه)) وفي
رواية عند مسلم ((فقال الله أنا أحق بذا منك تجاوزوا عن عبدي )) (مسلم
/1560).. إن سعادتك وراحتك تكمن في أن تدخل السرور على قلوب الآخرين ،
وترسم البسمة على وجوههم ، وتشعر بالارتياح عند تقديم العون لهم وتستمتع
باللذة عند الإحسان إليهم .. قال عبدان بن عثمان الأزدي: "ما سألني أحدٌ
حاجة إلا قمت له بنفسي، فإن تم وإلا قمتُ له بمالي، فإن تمَّ وإلا استعنت
بالإخوان، فإن تم وإلا استعنت بالسلطان".
نكمل في الجزء الثاني
- صبر جميل
عدد المساهمات : 432
نقاط : 513
التقييم : 1
تاريخ التسجيل : 29/07/2012
العمل/الترفيه : ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه
رد: هل سيجد الناس لك معروفاً ؟ الجزء الاول
السبت 08 يونيو 2013, 9:27 pm
شكرآ جزيلا على الموضوع الرائع و المميز
واصل تالقك في المنتدى
بارك الله بكم
ننتظر منكم الكثير من خلال ابداعاتكم المميزة
لكم منـــــــ اجمل تحية ــــــــــي
واصل تالقك في المنتدى
بارك الله بكم
ننتظر منكم الكثير من خلال ابداعاتكم المميزة
لكم منـــــــ اجمل تحية ــــــــــي
- ريتاج
عدد المساهمات : 2084
نقاط : 4163
التقييم : 6
تاريخ التسجيل : 18/05/2011
العمل/الترفيه : مجال الكمبيوتر
رد: هل سيجد الناس لك معروفاً ؟ الجزء الاول
الخميس 13 يونيو 2013, 2:54 am
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى