القولون العصبي

القولون-العصبي-القولون العصبي

ما
أثبته لنا العلم حقيقة بأن ما نأكله يؤثر على ما نعانيه من أعراض القولون
العصبي، وتتميز هذه الأعراض بآلام غامضة ومتكررة في البطن مع وجود الإمساك
والإسهال والنفخة والغازات والتهيج وعدم الإرتياح، وبروز مخاط في الخروج مع
عدم القدرة على هضم الطعام جيدا، بل ويشكو البعض من الحرقة والقرحة وفقدان
الشهية للطعام. وتنتمي هذه الأعراض الى ما نسميه “القولون العصبي” وهو
عبارة عن إضطراب وظيفي في الأمعاء والتي غالبا ما تبدو طبيعية ولكنها لا
تعمل بشكل جيد أو طبيعي. ولا يوجد حقيقة سبب واضح وصريح لحدوث مثل هذا
الإضطراب، إنما يتمثل بحالة يتعامل فيها الجهاز الهضمى
بطريقة غير طبيعية نتيجة التعرض لعوامل عدة من أهمها وجود حساسية معينة
لطعام ما، تناول أنواع معينة من الأطعمة والمشروبات، الإفراط في التدخين،
التعرض لبعض حالات القلق والتوتر والإنفعال والكآبة والحالات النفسية.
وتزداد الأعراض شدة في حالات زيادة الوزن ونمط الحياة المجهد والمتعب مع
قلة ممارسة الرياضة. وتعتبر حالة القولون العصبي مؤقتة ولا تصنف كمرض عضوي.
وعادة ما تصيب هذه الحالة النساء أكثر من الرجال بنسبة تقارب الضعف، وفي
عمر أقل من 45 سنة، حسب ما ورد في الإحصاءات العالمية.
وقد
صرحت الجمعية الأمريكية للتغذية بأن الإجماع العلمي حسب ما ورد من أدلة هو
مراقبة ما يتم تناوله يشكل يومي مع كتابة ما يؤكل خلال اليوم وتحديد
الأعراض الناتجة عن الأطعمة المتناولة والخاصة بنا، لأن هنالك بعض الأطعمة
التي قد تزيد من حدة الأعراض عند البعض والتي لا تؤثر قطعيا في ظهور
الأعراض عند البعض الآخر. كذلك شملت النصائح مراعاة تناول وجبات صغيرة
ومتعددة خلال اليوم مع التركيز على تناول الأطعمة الغنية بالألياف وبكميات
محسوبة، مثل الفول، ومنتجات الحبوب الكاملة، والفواكه والخضراوات ، والحد
من الأطعمة التي تسبب الغازات. كما ونصحت بشرب كميات كبيرة من الماء للحد
من الإمساك، والحد من تناول المشروبات المنبهة كالكافيين والكحول لأنها
يمكن أن تحفز نشاط الأمعاء غير الطبيعي. وشملت النصائح أيضا التأكد من
معرفة ما إذا كنا نعاني من حساسية للغذاء، أو الكافيين، أو الحليب، أو حتى
الكحول.
وسأتناول اليوم جانب الحديث عن النفخة والغازات
نظرا لشيوع هذه الأعراض عند العديد منا. فمن الأغذية التي تسبب الغازات هي
تلك المحتوية على النشويات (وليس كما يعتقد البعض بأن الأطعمة البروتينية
تسبب النفخة والغازات)، إذ لا يهضم جسمنا بعض النشويات التي بدورها تصل الى
الأمعاء الغليظة. وتقوم البكتيريا الموجودة طبيعيا في الأمعاء بهضم
النشويات بدلا من ما أن يهضمها جسمنا، مما يؤدي الى إنتاج الغازات. وهذه
الغازات تتألف من أكسيد الكربون، والهيدروجين، والأكسجين. وتنتج الرائحة
الكريهة عادة عن بعض البكتيريا الموجودة في الأمعاء الغليظة. وتصل الغازات
الى الجهاز الهضمي عن طريق الهواء الذي نبتلعه والطعام الذي نتناوله والذي
لم يتم هضمه جيدا. وكلما تناولنا الطعام أو الشراب فاننا نبتلع معه الهواء،
كذلك فان تناول الطعام بسرعة مع عدم مضغه جيدا (مثل ما يشيع لدى العديد
منا)، ومضغ العلكة، والتدخين، والأسنان غير المناسبة، كلها أمور تزيد من
ابتلاع الهواء ومن تجمع الغازات في الأمعاء.
ومن أنواع
النشويات التي تسبب النفخة هي البقوليات (مثل الفاصوليا والعدس والحمص
والفول)، والخضار كالملفوف، والحبوب الكاملة (مثل القمح بقشره والبرغل)
نظرا لاحتوائها على سكر الرافينوز. ومن الأطعمة النشوية الأخرى هي الحليب
ومنتجاته لاحتوائه على سكر الحليب (أو ما نطلق عليه اسم سكر اللاكتوز) اذ
يعاني البعض من نقص في الأنزيم المسؤول على هضم سكر اللاكتوز (اللاكتاز)،
فتخف لديهم القدرة على هضم الحليب. وتتسبب النشويات في البطاطا والذرة
والمعكرونة في النفخة لدى البعض. ويعتبر الأرز هو المصدر النشوي الوحيد
الذي لا يسبب الغازات.
وبالاضافة الى الأطعمة النشوية،
فتعتبر الأطعمة الغنية الألياف من مسببات الغازات أيضا، وأغلبها يرتكز في
الخضار والفاكهة والحبوب اذ أن الجسم ليس لديه القدرة على هضم هذه الألياف
(خاصة لاحتوائها على مادة السليولوز غير الذائبة في الماء)، ويتخلص منها
الجسم عن طريق البراز. وتتسبب بعض الخضار بالغازات أكثر من غيرها كالبازيلا
مثلا مقارنة بالخس.
ولعل جميعنا نتساءل كيف ينصح العلم
بتناول الأغذية الغنية بالألياف والنشويات (مثل الفول والحبوب الكاملة
والخضار والفواكه) مع العلم بأنها قد تزيد من الغازات؟ وهنا نقول بأن هذه
الأغذية ضرورية لنا من أجل ضمان حصولنا على ما نحتاجه من عناصر غذائية،
ولكن ما يلعب الدور الرئيسي في حالة القولون العصبي هو الحد من إنتاج
الغازات من خلال مراعاة الكمية المتناولة من الطعام، وضمان آلية توزبع
الوجبات خلال اليوم، لذلك فإننا ننصح بتناول كميات محسوبة وقليلة في الوجبة
الواحدة مع مراعاة توزيع الوجبات خلال اليوم بفارق 2-3 ساعات، وتناول
العديد من الوجبات المتنوعة خلال اليوم.
والجدير بالذكر
بأن قدرة هضم الأطعمة تختلف من شخص لآخر اذ ان الأطعمة التي تسبب النفخة
لشخص ما قد لا تسببها لغيره، فمثلا هناك بعض الأشخاص الذين يعانون من
النفخة والغازات جراء تناول أطعمة غنية بالدهون كتلك المطبوخة بالسمن
البلدي أو المقلية بزيت نباتي، لذلك فان الحمية الغذائية الفردية هي من
المرتكزات الأساسية في علاج القولون العصبي. والحل الأمثل يكمن في تناول
كميات محسوبة من الأطعمة المسببة للنفخة والغازات والتي تختلف من شخص لآخر.
وللتخفيف
من أعراض القولون العصبي، ننصح بما يلي: تناول الطعام ببطء مع مضغ الطعام
جيدا وبتمهل؛ تناول كميات قليلة من الأطعمة المسببة للغازات حتى يتعود
الجسم عليها (ومن ثم يمكن زيادة الكمية بالتدريج لأن هذه الأطعمة (كالخضار
والفاكهة والحبوب) صحية، قليلة السعرات الحرارية وتؤمن للجسم الكثير من
الفيتامينات والمعادن المغذية)؛ استعمال التوابل كالكمون أثناء الطبخ؛
استبدال الحليب بالجبنة واللبنة أو بالحليب الخالي من سكر اللاكتوز؛
التخفيف من تناول المشروبات الغازية والكحولية والمشروبات المنبهة كالقهوة؛
تناول ما يقارب ثلاثة أكواب يوميا من اليانسون أو النعناع بعد كل وجبة؛
الإبتعاد أو التخفيف من التدخين اذا كنت مدخن؛ الإبتعاد عن تناول
المستحضرات الاصطناعية الخالية من السكر لأنها تحتوي على مواد مهيجة لخلايا
القولون وقد تفاقم مشكلة الغازات؛ التخفيف من مضغ العلكة؛ تناول أربعة الى
ست وجبات صغيرة كل يوم بدلا من وجبتين؛ وممارسة الرياضة بشكل يومي حتى ولو
لفترة بسيطة، مع مراعاة تخصيص وقت للراحة والاسترخاء البدني بعيدا عن أي
أجواء من التوتر والعصبية أو الكآبة.

شكرا لكى