- da3i
عدد المساهمات : 1431
نقاط : 2865
التقييم : 1
تاريخ التسجيل : 12/03/2011
العذاب ليس له طبقة..
الجمعة 22 أبريل 2011, 3:34 am
العذاب ليس له طبقة..
الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب..
وساكن الزمالك الذي يجد الماء والنور والسخان والتكييف والتليفون والتليفيزيون لواستمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هوالآخر من سوء الهضم والسكر والضغط..
والمليونير ساكن باريس الذي يجد كل مايحلم به، يشكو الكآبة والخوف من الأماكن المغلقة والوسواس والأرق والقلق..
والذي أعطاه الله الصحة والمال والزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة ولايعرف طعم الراحة..
والرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء وانتصر في كل معركة، لم يستطع أن ينتصر على ضعفه وخضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين وانتهى إلى الدمار..
والملك الذي يملك الأقدار والمصائر والرقاب تراه عبدا لشهوته، خادما لأطماعه، ذليلا لنزواته..
وبطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات..
كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق..
و برغم غنى الأغنياء، و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة والشقاء الدنيوي متقارب..
فالله يأخذ بقدر مايعطي، ويعوض بقدر مايحرم، وييسر بقدر مايعسر.. ولو دخل كل منا قلب الآخر، لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية، و لما شعر بحسد ولابحقد ولابزهو ولا بغرور..
إنما هذه القصور والجواهر والحلي واللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب..
وفي داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات والآهات الملتاعة..
والحاسدون والحاقدون والمغترون والفرحون مخدوعون في الظواهر، غافلون عن الحقائق..
ولو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق، ولو ادركه القاتل لما قتل، ولو عرفه الكذاب لما كذب..
و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس، ولسعينا في العيش بالضمير، ولتعاشرنا بالفضيلة..
فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة..
والحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء والسعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات..
فالعذاب ليس له طبقة وانما هو قاسم مشترك بين الكل..
يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات والهيئات..
وليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة وشقاء، وانما اختلاف مواقف..
فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه، وترى فيه الحكمة والعبرة: وتلك نفوس مستنيرة، ترى العدل والجمال في كل شيء، و تحب الخالق في كل أفعاله..
وهناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره، وتحوله إلى حقد أسود و حسد أكال: وتلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله..
و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر، حيث يكون الشقاء الحقيقي، أوالسعادة الحقيقية:
فأهل الرضا إلى النعيم.. واهل الحقد إلى الجحيم..
أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط، بينما في الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل..
والكل في تعب.. إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف..
فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها، و ما تفاضلت إلا بمواقفها..
وليس بالشقاء والنعيم اختلفت.. ولا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت.. ولا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت..
فذلك هو المسرح الظاهر الخادع، وتلك هي لبسة الديكور والثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو أحدنا ملكا، والآخر صعلوكا، وحيث يتفاوت أمامنا المتخم والمحروم:
أما وراء الكواليس..
أما على مسرح القلوب..
أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق والحقيقة..
فلا يوجد ظالم ولا مظلوم، ولا متخم و لا محروم..
وانما عدل مطلق واستحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لاتتخلف.. حيث يمد الله يد السلوى الخفية: يحنو بها على المحروم، وينير بها ضمائر العميان، ويلاطف أهل المسكنة، ويؤنس الأيتام والمتوحدين في الخلوات، ويعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم..
ثم يميل بيد القبض والخفض: فيطمس على بصائر المترفين، ويوهن قلوب المتخمين، ويؤرق عيون الظالمين، ويرهل أبدان المسرفين..
وتلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم والنسمات المبشرة التي تأتي من الجنة، والمقدمات التي تسبق اليوم الموعود:
يوم تنكشف الأستار، وتهتك الحجب، وتفترق المصائر إلى شقاء حق وإلى نعيم حق..
يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة..
واهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم..
واهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة، و قبلوا مايجريه عليهم، ورأوا في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحوا عقولهم أيضا، فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل، فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن..!!
بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم..
أما أهل الغفلة، و هم الأغلبية الغالبة، فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة والمرأة والدرهم و فدان الأرض، ثم لايجمعون شيئا إلامزيدا من الهموم، وأحمالا من الخطايا، وظمأً لايرتوي، وجوعا لايشبع..
فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت..؟!
واغلق عليك بابك.. وابك على خطيئتك..
*مقالة للدكتور مصطفي محمود..
الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب..
وساكن الزمالك الذي يجد الماء والنور والسخان والتكييف والتليفون والتليفيزيون لواستمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هوالآخر من سوء الهضم والسكر والضغط..
والمليونير ساكن باريس الذي يجد كل مايحلم به، يشكو الكآبة والخوف من الأماكن المغلقة والوسواس والأرق والقلق..
والذي أعطاه الله الصحة والمال والزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة ولايعرف طعم الراحة..
والرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء وانتصر في كل معركة، لم يستطع أن ينتصر على ضعفه وخضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين وانتهى إلى الدمار..
والملك الذي يملك الأقدار والمصائر والرقاب تراه عبدا لشهوته، خادما لأطماعه، ذليلا لنزواته..
وبطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات..
كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق..
و برغم غنى الأغنياء، و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة والشقاء الدنيوي متقارب..
فالله يأخذ بقدر مايعطي، ويعوض بقدر مايحرم، وييسر بقدر مايعسر.. ولو دخل كل منا قلب الآخر، لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية، و لما شعر بحسد ولابحقد ولابزهو ولا بغرور..
إنما هذه القصور والجواهر والحلي واللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب..
وفي داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات والآهات الملتاعة..
والحاسدون والحاقدون والمغترون والفرحون مخدوعون في الظواهر، غافلون عن الحقائق..
ولو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق، ولو ادركه القاتل لما قتل، ولو عرفه الكذاب لما كذب..
و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس، ولسعينا في العيش بالضمير، ولتعاشرنا بالفضيلة..
فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة..
والحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء والسعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات..
فالعذاب ليس له طبقة وانما هو قاسم مشترك بين الكل..
يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات والهيئات..
وليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة وشقاء، وانما اختلاف مواقف..
فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه، وترى فيه الحكمة والعبرة: وتلك نفوس مستنيرة، ترى العدل والجمال في كل شيء، و تحب الخالق في كل أفعاله..
وهناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره، وتحوله إلى حقد أسود و حسد أكال: وتلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله..
و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر، حيث يكون الشقاء الحقيقي، أوالسعادة الحقيقية:
فأهل الرضا إلى النعيم.. واهل الحقد إلى الجحيم..
أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط، بينما في الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل..
والكل في تعب.. إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف..
فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها، و ما تفاضلت إلا بمواقفها..
وليس بالشقاء والنعيم اختلفت.. ولا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت.. ولا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت..
فذلك هو المسرح الظاهر الخادع، وتلك هي لبسة الديكور والثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو أحدنا ملكا، والآخر صعلوكا، وحيث يتفاوت أمامنا المتخم والمحروم:
أما وراء الكواليس..
أما على مسرح القلوب..
أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق والحقيقة..
فلا يوجد ظالم ولا مظلوم، ولا متخم و لا محروم..
وانما عدل مطلق واستحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لاتتخلف.. حيث يمد الله يد السلوى الخفية: يحنو بها على المحروم، وينير بها ضمائر العميان، ويلاطف أهل المسكنة، ويؤنس الأيتام والمتوحدين في الخلوات، ويعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم..
ثم يميل بيد القبض والخفض: فيطمس على بصائر المترفين، ويوهن قلوب المتخمين، ويؤرق عيون الظالمين، ويرهل أبدان المسرفين..
وتلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم والنسمات المبشرة التي تأتي من الجنة، والمقدمات التي تسبق اليوم الموعود:
يوم تنكشف الأستار، وتهتك الحجب، وتفترق المصائر إلى شقاء حق وإلى نعيم حق..
يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة..
واهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم..
واهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة، و قبلوا مايجريه عليهم، ورأوا في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحوا عقولهم أيضا، فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب و راحة العقل، فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن..!!
بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم..
أما أهل الغفلة، و هم الأغلبية الغالبة، فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة والمرأة والدرهم و فدان الأرض، ثم لايجمعون شيئا إلامزيدا من الهموم، وأحمالا من الخطايا، وظمأً لايرتوي، وجوعا لايشبع..
فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت..؟!
واغلق عليك بابك.. وابك على خطيئتك..
*مقالة للدكتور مصطفي محمود..
- YaS.NaD
عدد المساهمات : 136
نقاط : 274
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 07/04/2011
رد: العذاب ليس له طبقة..
الجمعة 22 أبريل 2011, 7:04 am
بارك الله فيك اخي على الموضوع المفيد
- hema
عدد المساهمات : 3212
نقاط : 4758
التقييم : 2
تاريخ التسجيل : 27/02/2011
رد: العذاب ليس له طبقة..
الجمعة 22 أبريل 2011, 8:17 am
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى