- egydonity
عدد المساهمات : 200
نقاط : 343
التقييم : 0
تاريخ التسجيل : 30/11/2011
مؤامرات اليهود وأخلاقهم عبر العصور
الأحد 19 فبراير 2012, 7:33 am
أليسوا أَكَلَة السحت؟ ألم يَصفْهم ربنا - تبارك وتعالى - بأنهم شرٌّ مكانًا وأضل عن سواء السبيل؟
لقد سَجَّل تاريخُ السيرة المطهرة أنَّ النبي - عليه الصلاة والسلام - بعد أنْ هاجر إلى المدينة، واستقر به المقام على أرضِها، بدأ الصراع الرهيب بين اليهود والمسلمين، وكان المسلمون أولَ عهدهم بالمدينة يتوقعون أن يكون اليهود معهم على سحق الوثنية في الجزيرة العربية، والدعوة إلى عقيدة التوحيد التي تجمع بين أهل الكتب السماوية جميعها.
غَيْرَ أنَّ اليهود أخلفوا ظنَّ المسلمين، فلم تَمضِ أيام على اختلاط بعضهم ببعض حتى أعلنوها حربًا على الإسلام والمسلمين، تظهر تارة، وتختفي أخرى.
وكان البناء الإسلاميُّ للدولة الجديدة كلما أخذ يعلو، حاول اليهود نقضَه، وطمس معالمه، وفي المدينة استقبل الرسول - عليه الصلاة والسلام - في صلاته بيتَ المقدس، وهو قِبلة أهل الكتاب من اليهود والنصارى؛ إعلانًا عن سماحة الإسلام، وأنه دين يربط بين عقيدة التوحيد والأصول العامة في الأديان جميعًا، ولكن اليهود بدلَ أن يعترفوا بفضل الإسلام في هذا المجال، استكبروا عليه، وعَلَوا في الأرض، واعتبروا أن استقبال المسلمين لقبلتهم اعترافٌ بدينهم، وأنه الأصل الذي يَجب أن يفيء إليه المسلمون.
في هذه الحقبة - وهي ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا - كان النبيُّ - عليه الصلاة والسلام - يود أن يوجهه الله - تعالى - إلى الكعبة، فحقَّق الله رجاءه، فأنزل الله قوله - سبحانه -: ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [البقرة: 144].
روى ابن جريج عن عطاء، عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي)).
من هنا لغط اليهود، وأطلقوا أبواب الدعاية المضلِّلة، وقد عز عليهم أن يتحول المسلمون عن قبلتهم، وأخذوا يطلقون الدسائس في الصف الإسلامي، ويلقون الشك في قلوب المسلمين؛ ليفقدوهم ثقتَهم في دينهم وفي قيادتهم، فكان مما قالوا: "إن كانت صلاتكم إلى بيت المقدس على غير حق، فقد ضاعت صلاتكم، وإن كانت على حق، فالتوجه الجديد إلى القبلة الجديدة باطل، وصلاتكم إليها حابطة".
وهنا رد الله - تعالى - عليهم وسَفَّه أقوالهم، فقال - سبحانه -: ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 142].
والسفهاء هم اليهود الذين بالمدينة، وهم يقولون: قد الْتبس عليه أمره وتحير، لكن الأمر كله لله، والجهات جميعها له - سبحانه - بكل جهة يأمر بالاتجاه إليها فأمره مطاع، والخير يدور مع هذا الأمر، فهو يَجري على سنن حكمة عليا، وتحركه قدرة مَن لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
موقف آخر من عداوة اليهود:
عندما هاجر الرسول الكريم - عليه الصلاة والسلام - إلى المدينة وانتظم عقد المسلمين بها، كان اليهود يباشرون بها نشاطهم الاقتصادي مع الأوس والخزرج، ومع غيرهم من القبائل القريبة والبعيدة، ويعملون في الوقت نفسه بكل الوسائل على تدبير المؤامرات والفتن، وإيقاد نار العداوة والبغضاء؛ للإيقاع بين هذه القبائل، وبخاصة بين قبيلتي الأوس والخزرج، في وقتٍ كان أول ما عمله النبي - عليه الصلاة والسلام - في المدينة بعد أنِ استَقَرَّ أمر المسلمين بها أن ألَّف بين الأوس والخزرج، وآخى بين المهاجرين والأنصار.
معاهدة تعايش مع اليهود:
لقد عقد الرسول الكريم - عليه الصلاة والسلام - أول مقدمه إلى المدينة معاهدةَ تعايُش مع اليهود، ودعاهم إلى الدخول في الإسلام الذي جاء مصدقًا لِمَا بين أيديهم من التوراة، وقد نصَّت هذة المعاهدة على ما يلي: إنَّ الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وإن جميع سكان المدينة متضامنون في حماية الناس وصيانة أرواحهم وأموالهم، وإنَّهم جميعًا جهة واحدة ضِدَّ من يعتدي عليهم، وأنه لا يصلح لأحدهم أن يطعن الآخر بصلح منفرد، دون رغبته وعمله، وأن المدينة دار أمان للجميع إلا من ظلم وأثم.
ولكن متى عرف اليهود الوفاء بالعهود، وهم الذين قال الله فيهم - وهو أصدق القائلين -: ﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [البقرة: 27]؟
هذا هو شأنهم مع كل عهد قطعوه مع ربهم أو مع أنبيائهم، حتى قال الله - تعالى -: ﴿ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 100 - 101].
لقد أضمروا العداوة للإسلام والمسلمين منذ اليوم الأول الذي وحَّد الله فيه صفوف الأوس والخزرج تحت راية الإسلام، وتوحدت فيه قيادة سيدنا محمد - عليه الصلاة والسلام - واستعملوا جميع الأسلحة والوسائل والخداع والمكر، التي تفتقت عنها عبقرية المكر اليهودية.
أجل، لقد عاملهم الإسلام بحلمه، ونبله، وفضله، بعدما ضاقت بهم الدُّنيا بما رحبت، ولفظتْهم جميعُ النحل والملل على مدى تاريخهم الأسود الملطخ بالدماء للأنبياء والأبرياء، فإنَّهم ردوا للإسلام أقبح الكيد، وآلام الخداع، والنفاق، والمكر، فقد ألبوا على الإسلام وأهله كل قوى الجزيرة العربية المشركة، وراحوا يَجمعون القبائل المتفرقة لحرب الإسلام، والقضاء على الأمة الإسلامية؛ قال الله - تعالى -: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً ﴾ [النساء: 51].
أمثلة من حقد اليهود وحسدهم:
بعد أنِ استقرَّ أمر المسلمين بالمدينة، نشط المهاجرون المكيُّون في الأعمال التجارية بالمدينة، وأصبحوا ينافسون اليهود في التجارة، بل سبقوهم، وانتزعوا منهم السيادة الاقتصادية في المنطقة، وأنشأ المسلمون سوقًا خاصة بهم إلى جانب سوق بني قينقاع.
عند ذلك أكل الحقد قلوبَهم، وكاد الحسد يمزق ضلوعَهم؛ إذ كيف يصبرون على ذلك والمال عندهم هو الإله المطاع؟
يضاف إلى ذلك قطع موارد الربا عنهم، بعد أن حَرَّمه الإسلام، وأعلن الحرب على أكله، وقد كانوا يحلمون بأنه سيكون منهم النبي الذي يَجدون صفته عندهم في كتابهم التوراة، فإذا النبي عربي، وإذا حلمهم يتبدَّد، وإذا هم يكفرون به، كما قال - سبحانه -: ﴿ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 89]، لقد كانوا يتربصون بالمسلمين دائرةَ السوء في حربٍ تعصف بهم، وتقضي عليهم، وتنسفهم نسفًا، فلما عادوا من غزوة بدر ظافرين مُنتصرين سالمين غانمين، أكل الحقد قلوبهم، وكاد الحسد يمزق ضلوعهم، فكان منهم ما يقصه الله علينا في شأنهم: ﴿ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ﴾ [آل عمران: 118].
ولما انتشر الإسلام العظيم، وفتح الله قلوبَ الناس للدخول فيه، أيقنوا أنه لا سبيلَ للمحافظة على غرورهم وكبريائهم، وزعمهم أنهم شعب الله المختار، إلاَّ بالقضاء على الرسول - عليه الصلاة والسلام - وأتباعه الذين آمنوا به واتَّبعوا النور الذي أنزل معه، فعمدوا إلى الكيد للإسلام بكل الطرق والأسلحة، وقاموا بعِدَّة مؤامرات ومناورات لتحقيقِ هذا الهدف الشيطاني الآثم، فقالت طائفة منهم: ﴿ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [آل عمران: 72].
وقالوا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ﴾ [آل عمران: 181].
وقالوا: ﴿ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ﴾ [المائدة: 64].
وقالوا: ﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾ [المائدة: 18].
وقالوا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ﴾ [آل عمران: 183].
وهدَّدوا بقتال المسلمين والقضاء عليهم عَقِبَ انتصارهم في غزوة بدر الكبرى، التي انتصر فيها الحق في قِلَّة من العدد والعَتاد، على الباطل في كثرة من العدة والأجناد، وقالوا: لا يغرنَّكم أنكم قتلتم نفرًا من قريش لا يعرفون القتال، ولو قاتلتمونا لعرفتم أننا نحن الناس.
لقد حاولوا اغتيال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو في ديارهم بإلقاء حجر عليه، وألَّبوا المشركين حتى كانت غزوة أحد، وجمعوا الأحزاب، وعملوا على إنشاء جهة ثالثة لمحاربة المسلمين، وهي جهة المنافقين بقيادة عبدالله بن أبي بن سلول، إلى غير ذلك من المؤامرات التي استهدفت القضاءَ على الإسلام والمسلمين، ولكنَّ الله أحبط سعيَهم، وخيب أملهم، وأحبط خططهم، وأضَلَّ أعمالهم، وعكس عليهم قصدَهم، وسَلَّط عليهم نبيَّه والمؤمنين، فطهَّروا الأرض من رجسهم وشرورهم؛ ﴿ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [الصف: 8].
واليوم تعمل الصِّهْيَوْنِيَّة العالمية بكل ما تملك من وسائل للقضاء على الإسلام والمسلمين؛ ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 32].
وحسبنا دليلاً على عداوة اليهود للمؤمنين قوله - تعالى - في محكم تنزيله: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [المائدة: 82].
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: "وما ذاك إلا لأن كفر اليهود كفر عناد وجحود، ومباهتة للحق، وغمط للناس، وتنقص بحملة العلم؛ ولهذا قتلوا كثيرًا من الأنبياء، حتى هَمُّوا بقتل الرسول - صلى الله عليه وسلم - غير مرة، وسمُّوه، وسحروه، وألَّبوا عليه أشباههم من المشركين، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة"
لقد سَجَّل تاريخُ السيرة المطهرة أنَّ النبي - عليه الصلاة والسلام - بعد أنْ هاجر إلى المدينة، واستقر به المقام على أرضِها، بدأ الصراع الرهيب بين اليهود والمسلمين، وكان المسلمون أولَ عهدهم بالمدينة يتوقعون أن يكون اليهود معهم على سحق الوثنية في الجزيرة العربية، والدعوة إلى عقيدة التوحيد التي تجمع بين أهل الكتب السماوية جميعها.
غَيْرَ أنَّ اليهود أخلفوا ظنَّ المسلمين، فلم تَمضِ أيام على اختلاط بعضهم ببعض حتى أعلنوها حربًا على الإسلام والمسلمين، تظهر تارة، وتختفي أخرى.
وكان البناء الإسلاميُّ للدولة الجديدة كلما أخذ يعلو، حاول اليهود نقضَه، وطمس معالمه، وفي المدينة استقبل الرسول - عليه الصلاة والسلام - في صلاته بيتَ المقدس، وهو قِبلة أهل الكتاب من اليهود والنصارى؛ إعلانًا عن سماحة الإسلام، وأنه دين يربط بين عقيدة التوحيد والأصول العامة في الأديان جميعًا، ولكن اليهود بدلَ أن يعترفوا بفضل الإسلام في هذا المجال، استكبروا عليه، وعَلَوا في الأرض، واعتبروا أن استقبال المسلمين لقبلتهم اعترافٌ بدينهم، وأنه الأصل الذي يَجب أن يفيء إليه المسلمون.
في هذه الحقبة - وهي ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا - كان النبيُّ - عليه الصلاة والسلام - يود أن يوجهه الله - تعالى - إلى الكعبة، فحقَّق الله رجاءه، فأنزل الله قوله - سبحانه -: ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [البقرة: 144].
روى ابن جريج عن عطاء، عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي)).
من هنا لغط اليهود، وأطلقوا أبواب الدعاية المضلِّلة، وقد عز عليهم أن يتحول المسلمون عن قبلتهم، وأخذوا يطلقون الدسائس في الصف الإسلامي، ويلقون الشك في قلوب المسلمين؛ ليفقدوهم ثقتَهم في دينهم وفي قيادتهم، فكان مما قالوا: "إن كانت صلاتكم إلى بيت المقدس على غير حق، فقد ضاعت صلاتكم، وإن كانت على حق، فالتوجه الجديد إلى القبلة الجديدة باطل، وصلاتكم إليها حابطة".
وهنا رد الله - تعالى - عليهم وسَفَّه أقوالهم، فقال - سبحانه -: ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 142].
والسفهاء هم اليهود الذين بالمدينة، وهم يقولون: قد الْتبس عليه أمره وتحير، لكن الأمر كله لله، والجهات جميعها له - سبحانه - بكل جهة يأمر بالاتجاه إليها فأمره مطاع، والخير يدور مع هذا الأمر، فهو يَجري على سنن حكمة عليا، وتحركه قدرة مَن لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
موقف آخر من عداوة اليهود:
عندما هاجر الرسول الكريم - عليه الصلاة والسلام - إلى المدينة وانتظم عقد المسلمين بها، كان اليهود يباشرون بها نشاطهم الاقتصادي مع الأوس والخزرج، ومع غيرهم من القبائل القريبة والبعيدة، ويعملون في الوقت نفسه بكل الوسائل على تدبير المؤامرات والفتن، وإيقاد نار العداوة والبغضاء؛ للإيقاع بين هذه القبائل، وبخاصة بين قبيلتي الأوس والخزرج، في وقتٍ كان أول ما عمله النبي - عليه الصلاة والسلام - في المدينة بعد أنِ استَقَرَّ أمر المسلمين بها أن ألَّف بين الأوس والخزرج، وآخى بين المهاجرين والأنصار.
معاهدة تعايش مع اليهود:
لقد عقد الرسول الكريم - عليه الصلاة والسلام - أول مقدمه إلى المدينة معاهدةَ تعايُش مع اليهود، ودعاهم إلى الدخول في الإسلام الذي جاء مصدقًا لِمَا بين أيديهم من التوراة، وقد نصَّت هذة المعاهدة على ما يلي: إنَّ الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وإن جميع سكان المدينة متضامنون في حماية الناس وصيانة أرواحهم وأموالهم، وإنَّهم جميعًا جهة واحدة ضِدَّ من يعتدي عليهم، وأنه لا يصلح لأحدهم أن يطعن الآخر بصلح منفرد، دون رغبته وعمله، وأن المدينة دار أمان للجميع إلا من ظلم وأثم.
ولكن متى عرف اليهود الوفاء بالعهود، وهم الذين قال الله فيهم - وهو أصدق القائلين -: ﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [البقرة: 27]؟
هذا هو شأنهم مع كل عهد قطعوه مع ربهم أو مع أنبيائهم، حتى قال الله - تعالى -: ﴿ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 100 - 101].
لقد أضمروا العداوة للإسلام والمسلمين منذ اليوم الأول الذي وحَّد الله فيه صفوف الأوس والخزرج تحت راية الإسلام، وتوحدت فيه قيادة سيدنا محمد - عليه الصلاة والسلام - واستعملوا جميع الأسلحة والوسائل والخداع والمكر، التي تفتقت عنها عبقرية المكر اليهودية.
أجل، لقد عاملهم الإسلام بحلمه، ونبله، وفضله، بعدما ضاقت بهم الدُّنيا بما رحبت، ولفظتْهم جميعُ النحل والملل على مدى تاريخهم الأسود الملطخ بالدماء للأنبياء والأبرياء، فإنَّهم ردوا للإسلام أقبح الكيد، وآلام الخداع، والنفاق، والمكر، فقد ألبوا على الإسلام وأهله كل قوى الجزيرة العربية المشركة، وراحوا يَجمعون القبائل المتفرقة لحرب الإسلام، والقضاء على الأمة الإسلامية؛ قال الله - تعالى -: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً ﴾ [النساء: 51].
أمثلة من حقد اليهود وحسدهم:
بعد أنِ استقرَّ أمر المسلمين بالمدينة، نشط المهاجرون المكيُّون في الأعمال التجارية بالمدينة، وأصبحوا ينافسون اليهود في التجارة، بل سبقوهم، وانتزعوا منهم السيادة الاقتصادية في المنطقة، وأنشأ المسلمون سوقًا خاصة بهم إلى جانب سوق بني قينقاع.
عند ذلك أكل الحقد قلوبَهم، وكاد الحسد يمزق ضلوعَهم؛ إذ كيف يصبرون على ذلك والمال عندهم هو الإله المطاع؟
يضاف إلى ذلك قطع موارد الربا عنهم، بعد أن حَرَّمه الإسلام، وأعلن الحرب على أكله، وقد كانوا يحلمون بأنه سيكون منهم النبي الذي يَجدون صفته عندهم في كتابهم التوراة، فإذا النبي عربي، وإذا حلمهم يتبدَّد، وإذا هم يكفرون به، كما قال - سبحانه -: ﴿ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 89]، لقد كانوا يتربصون بالمسلمين دائرةَ السوء في حربٍ تعصف بهم، وتقضي عليهم، وتنسفهم نسفًا، فلما عادوا من غزوة بدر ظافرين مُنتصرين سالمين غانمين، أكل الحقد قلوبهم، وكاد الحسد يمزق ضلوعهم، فكان منهم ما يقصه الله علينا في شأنهم: ﴿ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ﴾ [آل عمران: 118].
ولما انتشر الإسلام العظيم، وفتح الله قلوبَ الناس للدخول فيه، أيقنوا أنه لا سبيلَ للمحافظة على غرورهم وكبريائهم، وزعمهم أنهم شعب الله المختار، إلاَّ بالقضاء على الرسول - عليه الصلاة والسلام - وأتباعه الذين آمنوا به واتَّبعوا النور الذي أنزل معه، فعمدوا إلى الكيد للإسلام بكل الطرق والأسلحة، وقاموا بعِدَّة مؤامرات ومناورات لتحقيقِ هذا الهدف الشيطاني الآثم، فقالت طائفة منهم: ﴿ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [آل عمران: 72].
وقالوا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ﴾ [آل عمران: 181].
وقالوا: ﴿ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ﴾ [المائدة: 64].
وقالوا: ﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾ [المائدة: 18].
وقالوا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ﴾ [آل عمران: 183].
وهدَّدوا بقتال المسلمين والقضاء عليهم عَقِبَ انتصارهم في غزوة بدر الكبرى، التي انتصر فيها الحق في قِلَّة من العدد والعَتاد، على الباطل في كثرة من العدة والأجناد، وقالوا: لا يغرنَّكم أنكم قتلتم نفرًا من قريش لا يعرفون القتال، ولو قاتلتمونا لعرفتم أننا نحن الناس.
لقد حاولوا اغتيال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو في ديارهم بإلقاء حجر عليه، وألَّبوا المشركين حتى كانت غزوة أحد، وجمعوا الأحزاب، وعملوا على إنشاء جهة ثالثة لمحاربة المسلمين، وهي جهة المنافقين بقيادة عبدالله بن أبي بن سلول، إلى غير ذلك من المؤامرات التي استهدفت القضاءَ على الإسلام والمسلمين، ولكنَّ الله أحبط سعيَهم، وخيب أملهم، وأحبط خططهم، وأضَلَّ أعمالهم، وعكس عليهم قصدَهم، وسَلَّط عليهم نبيَّه والمؤمنين، فطهَّروا الأرض من رجسهم وشرورهم؛ ﴿ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [الصف: 8].
واليوم تعمل الصِّهْيَوْنِيَّة العالمية بكل ما تملك من وسائل للقضاء على الإسلام والمسلمين؛ ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 32].
وحسبنا دليلاً على عداوة اليهود للمؤمنين قوله - تعالى - في محكم تنزيله: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [المائدة: 82].
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: "وما ذاك إلا لأن كفر اليهود كفر عناد وجحود، ومباهتة للحق، وغمط للناس، وتنقص بحملة العلم؛ ولهذا قتلوا كثيرًا من الأنبياء، حتى هَمُّوا بقتل الرسول - صلى الله عليه وسلم - غير مرة، وسمُّوه، وسحروه، وألَّبوا عليه أشباههم من المشركين، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة"
- عشقي
عدد المساهمات : 641
نقاط : 1206
التقييم : 1
تاريخ التسجيل : 27/11/2011
رد: مؤامرات اليهود وأخلاقهم عبر العصور
الأحد 19 فبراير 2012, 9:10 am
جزاك الله جناته
انتقاء رائع كعادتك
يتمايل الياسمين شذى بجمال متصفحك
وتتراقص الورود متعطره بروعة مانقلته أناملك
لروحك أطيب الورد واكاليل الزهر
معطره برقة طرحك
انتقاء رائع كعادتك
يتمايل الياسمين شذى بجمال متصفحك
وتتراقص الورود متعطره بروعة مانقلته أناملك
لروحك أطيب الورد واكاليل الزهر
معطره برقة طرحك
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى